تاریخ انتشار: 1400/08/04     
نام كتاب

الجعل والعمل الضابطفى الرابطى والرابطوقصيدة ينبوع

 

--------------------------------------------------------------------

نام كتاب :الجعل والعمل الضابطفى الرابطى والرابطوقصيدة ينبوع

 تعداد جلد :0

جلد :

تعداد صفحه :109

موضوع سند :

ناشر :

محل نشر :

--------------------------------------------------------------------

نام كتاب  : الجعل و العمل الضابط فى الرابطى و الرابط و قصيدة ينبوع الحيوة

استاد حضرت  آية الله حسن زاده آملى

صفحه : 3

مشخصات  كتاب

نام كتاب  : 1 - الجعل 2 - العمل الضابط فى الرابطى و الرابط 3 - قصيدة ينبوع الحيوة .

تأليف  : استاد گرانقدر آية الله حسن زاده آملى .

تاريخ انتشار : سال 68

چاپ  : اول

چاپخانه : چاپ  مهر

تيراژ : دو هزار نسخة .

قطع : وزيرى

ناشر : انتشارات  قيام , قم , خيابان شهداء . ممتاز .

كليه حقوق چاپ  و نشر براى ناشر محفوظ است  .

گرافيك  واصف  قم تلفن 46180

صفحه : 3

1 - الجعل

صفحه : 5

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذى فطر السموات  و الارض , و جعل الظلمات  و النور و الصلوة على عباده الصالحين سيما سيد الكل فى الكل خاتم النبيين و آله الطاهرين .

و بعد فيقول العبد الحسن بن عبدالله الطبرى الاملى المدعو ب[ ( حسن زاده آملى](  : هذه وجيزة تشير الى امهات  مباحث  الجعل و اصولها , مما عملتها يداه رجاء أن تفيد اهل البحث  و التنقيب  حول المسائل الحكمية . من المباحث  المهمة الحكمية التى يجب  العناية بها و لفت  النظر اليها جدا , مبحث  الجعل . و فى هذا المبحث  ينكشف  حقيقة الامر فى معنى صدور الاشياء عن جاعلها الواجب  بالذات  , و يعلم وجه آراء الحكماء فى اعتبارية الماهية أو الوجود , أو اصالة أحدهما تحققا و اعتبارية صاحبه . ثم المتدرب  البصير فى الحكمة المتعالية يحدس من هذا المبحث  حدسا نوريا ملكوتيا أن ما سلك  القوم فى مثوى غواسق الماهية كسراب  بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا و وجد الله عنده فوقيه حسابه .

صفحه : 6

و هذا المبحث  الجليل من شعب  البحث  عن العلة و المعلول كما يعطيه الفحص الدقيق و الغور العميق فى المسائل الحكمية . و ان كان الامر فوق التفوه بالعلة و المعلول و اشمخ من ذلك  بمراحل حقا .

و لنفاسة هذا المبحث  قد دون بعض الفضلاء رسالة فى الجعل موسومة[ : ( بالقول الوسيط فى الجعل المؤلف  و البسيط](  و هى و ان كانت  نافعة فى موضوعها و لكن ما يجب  أن يشار اليه فى المقام قد فات  عنها . و البحث  عن الجعل يتشعب  بشعوب  عديدة طائفة منها من المسائل الدارجة فى الحكمة الرائجة , و شرذمة منها متعرقة فى الحكمة المتعالية و الصحف العرفانية و هى ما نتلوها عليك  و نهديها اليك  :

الف  - منها أن مسألة اصالة الوجود فى الجعل غير مسألة أصالته فى التحقق لان القائلين بجواز الترجيح بلا مرجح , أو الاولوية الذاتية , أو البخت  و الاتفاق يمكنهم البحث  فى أصالة الوجود أو الماهية فى التحقق دون الجعل . اذا لممكن زوج تركيبى له ماهية و وجود . بل يمكن للالهى ايضا التكلم فيها قبل اثبات  الصانع بخلاف  مسألة الجعل .

فان قلت  : كل من قال من الالهيين بأصالة أحدهما فى التحقق قال بأصالته فى الجعل و بالعكس , فثبوت  أصالة الوجود أو الماهية فى التحقق يغنى عن اثبات  أصالته فى الجعل لما بينهما من التلازم , فما الحاجة الى عقد باب على حدة ؟

قلت  : ليس الامر كما زعمت  فان بعضا من الحكماء القائلين بأصالة الوجود فى التحقق يقول بأصالة الاتصاف  فى الجعل ,

صفحه : 7

فتحقق الوجود أو الماهية لا يثبت  الاتصاف  و لا ينفيه . على أن غرضهم بيان اقسام الجعل , و الاشارة الى اصحاب  الاقوال فيه تفصيلا لما يترتب  عليه من الفوائد . هذا ما افاده الحكيم الهيدجى ( ره ) فى تعليقاته على مبحث  جعل المنظومة ( ص 137 / ط 1 ) .

و انا اقول : المطلب  الاهم فى المقام ان تعلم ان انتهاء الممكنات  الى واجب  الوجود بالذات  مسلم عند الكل حتى عند الدهرى فانه قائل بأن الجواهر الافراد واجبة بذاتها و الممكنات  انما تحقق من تأليفها و تركيبها . و لذا قلنا فى كتابنا الف  نكتة و نكتة ان المتكلمين فى تمسكهم بابطال الدور و التسلسل فى اثبات  الواجب  لم ياتوا بما يجاب الدهرى به لانه لا ينكر الانتهاء الى الواجب  فالامر الاهم فى افحامه ان ثيبت  الانتهاء الى الواجب  الواحد العالم المريد المدير المدبر و ليست الجواهر الافراد كذالك  . فراجع الى النكتة 949 منه .

و الفيلسوف  الالهى يبحث  عن اجزاء الجسم تارة فيجده مؤلفا من الهيولى و الصورة فينتقل من ازدواجهما الى اصل مفارق يقيم احدهما بالاخر فيثبت  من هذا الطريق خالقا مدبرا قيوما قائما على الاجسام . و أخرى يجده مؤلفا من اجزاء صغار صلبة لا تتجزى اى الجواهر الافراد فينتقل من تأليفها الى جامع لها مدبر فيها تدبيرا اراديا فيثبت  بهذا الطريق موجودا واجبا بذاته خالقا مريدا متصفا بجميع الكلمات  غير المتناهية .

و اخرى يجده مركبا من الوجود و الماهية كغيره من الممكنات  الاخرى فينتقل من ازدواجهما الى جاعل الماهية موجودة و هو الله سبحانه . كما انه يجد الاجرام و الاجسام متحركة على نظم موزون , و برنامج صفحه : 8

منظوم على نسق واحد حارت  العقول فى وحدة نظامها و حسن سيرتها و صورتها , وكلت  الالسن فى اعراب  حركات  كلمة منها فينتقل من الحركة الى محركها العالم المدبر القائم عليها . على ان الطرق الى الله سبحانه بعدد انفاس الخلائق .

و العارف  ينظر بنور برهان الصديقين على وجهه الاتم انه تعالى هو الاول و الاخر و الظاهر و الباطن , يا من دل على ذاته بذاته , فيحتاج فى اثبات العالم الى دليل . فالماهيات  فى منظره الاعلى كسراب  بقيعة يحسبه الظمان ماء .

فالوجود عنده هو مساوق الحق ليس بمجعول بل هو الحق المتحقق فى عظموت جلاله و جبروت  كبريائه . و الماهيات  اوعية تحققها هى الاذهان لا غير . و انما تنتزع و تعتبر من حدود اطوار الوجود و شئونه و آياته . و تلك الحدود تعتبر بما يلينا لا بما يليه لانها بما يليه لا حدود لها لقيامها بها كامواج البحر مثلا تعتبر حدودها بما يلينا لا بما يلى البحر لانها لا حدود لها من تلك  الجهة , فافهم .

و على ذلك  التدقيق نبهت  على انه يصدق قولنا : الماهية ليست  بموجودة , و لا يصدق قولنا : الوجود ليس بموجود .

قال المحقق الطوسى فى المسألة الثالثة من ثانى المقصد الاول من تجريد الاعتقاد : كما تتحقق الحاجة فى المركب  فكذا فى البسيط . قال الشارح القوشجى : اختلفوا فى ان الماهيات  الممكنة هل هى مجعولة بجعل جاعل ام لا على اقوال ثلاثة :

الاول ما اختاره المصنف  و هو انها كلها مجعولة بجعل الجاعل سواء كانت مركبة او بسيطة .

صفحه : 9

الثانى انها غير مجعولة مطلقا مركبة كانت  او بسيطة .

الثالث  ان المركبة مجعولة بخلاف  البسيطة . انتهى .

اقول : المستفاد من كلام المحقق الطوسى فى شرحه على النمط الرابع من اشارات  الشيخ , و من كلماته الاخرى هو عدم اعتقاده فى مجعولية الماهيات برأسها اصالة , و مراده من تحقق الحاجة فى المركب  و البسيط باعتبار صيرورتها موجودة بتبعية الوجود بضرب  من الاعتبار الذهنى فى تغايرهما , و من ذهب  الى انها غير مجعولة مطلقا ناظر الى جعلها بالاصالة فالقولان واحد .

و القول الثالث  ناظر الى ان البسائط كالاعراض مجعولة بجعل الماهيات الموجودة فى الخارج فهى موجودة بالتبع ايضا فان جعل زيد فى الخارج هو جعله متكمما بكم كذا , و متلونا بلون كذا , و هكذا , لا ان الجعل مرة يتعلق بالماهيات  , و اخرى باعراضها , فالاقوال ناظرة الى امر فارد و لا تنازع فيها .

و هذا نحو جعل الجنس و الفصل فى انهما واحد ففى الرابعة من ثانى المقصد الاول من تجريد الاعتقاد للمحقق الطوسى : و جعلا هما واحد . و قال الشارح العلامة فى كشف  المراد : انما كان جعلاهما واحدا لان الفاعل لم يفعل حيوانا مطلقا ثم يميزه بانضمام الفصل اليه فان المطلق لا وجود له , بل جعل الحيوان هو بعينه جعل الناطق . و اعتبر هذا فى اللونية فانها لو كان لها وجود مستقل فهى هيئة اما فى السواد فيوجد السواد لا بها هذا خلف , او فى محله فالسواد عرضان لون و فصله لا واحد هذا خلف  فجعله لونا هو بعينه جعله سوادا . و هكذا فى آخر الفصل الثانى من ذلك  المقصد حيث  قال : و جعل الجنس و الفصل واحد الخ .

صفحه : 10

ب  - و منها الكلام فى لفظ الجعل : اعلم ان الجعل من الافعال المتعدية الى مفعولين متحدين مصداقا متغائرين مفهوما كافعال القلوب  لا مثل الاعطاء و الاحفار و الاطعام و غير ذلك  . و قد يجيى بمعنى خلق فيتعدى الى مفعول واحد . و الجعل بالمعنى الثانى هو الجعل البسيط , و بالاول هو الجعل المؤلف  , و يعبر عنه بالجعل المركب  ايضا .

و الجعل البسيط هو جعل الشىء و افاضة نفس الشىء , و المؤلف  جعل الشىء شيئا . فالجعل البسيط ما كان متعلقة الوجود النفسى , و المؤلف  ما كان متعلقه الوجود الرابط . و العارف  الحافظ يشير الى الجعل البسيط فى قوله :

گفتم اين جام جهان بين به تو كى داد حكيم

گفت  آن روز كه اين گنبد مينا مى كرد

ج - و منها ان اثر الجعل بالذات  ماذا ؟ فقد اختلفوا فى الجعل البسيط على اقوال ثلاثة : و ذلك  لان الممكن مجعول , و كل ممكن زوج تركيبى له ماهية و وجود , و بينهما اتصاف  لا محالة اى اتصاف  الماهية موجودة . و قد يعبرون عن الاتصاف  بالصيرورة و النسبة و نحوهما ايضا . فذهب  بعض الى ان الماهية مجعولة بالذات  . و بعضهم الى ان الاتصاف مجعول بالذات  . و بعض آخر الى ان الوجود مجعول بالذات  . و هذا هو الحق عندنا و عند قاطبة المحققين من اساطين الحكمة و مشايخ العرفان . و لكن ينبغى التدبر فى معنى الجعل على ذلك  المبنى الحكيم اعنى الوجود الحق الصمدى حتى يتضح

صفحه : 11

التميز بين الجاعل و المجعول , و خلق الاشياء من العدم , و صدورها عن جاعلها . و بالتدبر يتبين لك  ان الوجود ليس بمجعول على النحو المرتكز فى الاذهان السافلة بل الوجود هو الاصل فى التحقق ليس الا الصمد الحق و اسماؤه و صفاته و افعاله و شئونه و اطواره .

و الجعل يرجع الى ظهوره سبحانه فى مظاهره , و المظاهر ليس الا تعينات المطلق بقيود المجعولات  القائمة به فافهم . و يمكن تأويل الاولين الى هذا الوجه حتى يرتفع الخلاف  فتدبر .

د - و منها ان الجعل المؤلف  يختص تعلقه بالعرضيات  المفارقة لخلو الذات  عنها فلا يتصور بين الشىء و نفسه , و لا بينه و بين ذاتياته و لا بينه و بين عوارضه اللازمة , كالانسان انسان , و الانسان حيوان , و الاربعة زوج , لانها نسب  ضرورية و مناط الحاجة هو الامكان , و الوجوب  و الامتناع مناط الغنى و لذا قال الشيخ :

ما جعل الله المشمش مشمشا و لكن اوجده ( المنظومة فى الحكمة صفحهء 51 / ط 1 ) .

و فى القول الوسيط : الجعل يتعلق اجماعا بالصفات  الزائدة المتأخرة عن الوجود , المتفرعة عليه كالقيام و القعود . و لا يتعلق اتفاقا بالصفات المتقدمة عليه كالامكان و الاحتياج الى العلة وجوب  بالغير . و اما تعلقه بالوجود و ما يساوقه كالتشخص و التميز و التقرر فمختلف فيه بين المشائية و الاشراقية , و كذا تعلقه بالذاتيات  , و بنفس الشىء , و بلوازم الماهية مختلف  فيه بين الفلاسفة , من حيث  انها مجعولة بجعل الذات  أو غير مجعولة اصلا بمعنى أن ثبوتها للذات  ليس مجعولا بالكلية أما كونها مجعولة بجعل مستأنف  فمجمع على

صفحه : 12

بطلانه , انتهى .

اقول : لا يخفى انه اراد بالجعل اعم من البسيط و المؤلف  . و الحق ان الوجود ليس بمجعول و تعلق الجعل بالوجود و هم الا على الوجه الذى رمزنا اليه . و الحرى فى المقام ان نهديك  درة ثمينة ادرجناها فى تعليقاتنا على كشف  المراد فى شرح تجريد الاعتقاد و هى ما يلى :

و اعلم ان التعبير عن متن الاعيان و حقيقة الحقائق و جوهر الجواهر عسير جدا , و التعبير عنه بالوجود تعبير عن الشىء بأخص اوصافه الذى هو اعم المفهومات  , اذ لو وجد لفظ يكون ذا مفهوم محصل اشمل من ذلك  و ابين لكان اقرب  اليه و اخص به , و كان ذلك  هو الصالح لان يعبر به عنه . و لما لم يكن بين الالفاظ المتداولة لفظ احق من الوجود اذ معناه اعم المفهومات  حيطة و شمولا و أبينها تصورا و اقدمها تعقلا و حصولا , اختاروه و عبروا به عنه .

و يعبرون عنه بالحق ايضا . فالوجود هو الحق . و ان شئت  قلت  : الوجود من حيث  هو هو هو الحق سبحانه , و الوجود الذهنى و الخارجى و الاسمائى ظلاله .

فالوجود عين كل شىء فى الظهور , ما هو عين الاشياء فى ذواتها , سبحانه و تعالى بل هو هو و الاشياء اشياء . و ينبغى هيهنا الفرق بين المفهوم و العين , و التوجه الى عدم المناسبة بين المتناهى و غير المتناهى , و المطلق و مقيده و ان كان كل واحد من المطلق و المقيد مرآة للاخر بوجه . فافهم .

صفحه : 13

ثم ينبغى ان يكون محققا عندك  ان اطلاق الوجود على متن الاعيان للتفهيم لا ان ذلك  اسم حقيقى له .

ه - و منها ان القائلين بالجعل البسيط فى الماهية اتفقوا على اعتبارية الوجود و قد ابتنوا براهينهم على هذا الوهم .

و انما مالوا الى ان الماهية مجعولة بالذات  بالجعل البسيط ظنا منهم انها لو لم تكن مجعولة لزم استغنائها عن الجاعل و القول بوجوبها الذاتى . و أجود الاقوال و أصرح التعبيرات  فى الاعراب  عن هذا الوهم كلام صاحب القبسات  و بعده كلام صاحب  الشوارق .

فالاول قال : لما كان نفس قوام الماهية مصحح حمل الوجود و مصداقه فاحدس انها اذا استغنت  بحسب  نفسها و من حيث  اصل قوامها عن الفاعل صدق حمل الوجود عليها من جهة ذاتها و خرجت  عن حدود بقعة الامكان و هو باطل فاذا هى فاقرة الى فاعلها من حيث  قوامها و تقررها و من حيث  حمل الموجودية عليها , الى آخر ما قال .

اما صاحب  الشوارق فقد اعرب  عنه فى الموضعين منه : احدهما فى اواخر المسألة السابعة و العشرين ( جلد 1 , صفحهء 108 , ط 1 ) , و ثانيهما فى تعليقته على آخر المسألة الخامسة و الثلاثين ( جلد 1 , صفحهء 128 , ط 1 ) , و نحن نكتفى بنقل كلامه من الموضع الاول , قال :

المراد بكون المجعول هو الماهية هو نفى توهم ان تكون الماهيات  ثابتات فى العدم بلا جعل و وجود ثم يصدر عن الجاعل الوجود او اتصاف  الماهية بالوجود فاذا ارتفع التوهم فلا مضائقة فى الذهاب  الى جعل الوجود او الاتصاف  بعد ان تيقن ان لا ماهية قبل الجعل . و الى هذا يؤول مذهب استاذنا الحكيم المحقق الالهى

صفحه : 14

قدس سره فى القول بجعل الوجود فانه يصرح بكون الوجود مجعولا بالذات  و الماهية مجعولة بالعرض على عكس ما يقوله القوم . انتهى ما اردنا من نقل كلامه .

و كذا قال المتاله السبزوارى فى جعل المنظومة :

فقالوا - يعنى القائلين بجعل الماهية بالذات  : اثر الجاعل اولا و بالذات  نفس الماهية ثم يستلزم ذلك  الجعل موجودية الماهية بلا افاضة من الجاعل لا للوجود و لا للاتصاف  لانهما عقليان مصداقهما نفس الماهية كما لا يحتاج بعد صدور الذات  عن الجاعل كون الذات  ذاتا الى جعل على حدة . ثم قال :

اكثر شيوع هذا المذهب  كان من زمان شيخ الاشراق و اتباعه . و كان القول بتقرر الماهيات  منفكة عن الوجود فى عصره شائعا .

فحسبوا ان لو قالوا بمجعولية الوجود ذهب  الوهم الى غناء الماهية فى تقررها عن الجاعل لمغايرة الماهية للوجود فيلزم الثابتات  الازلية . فدفع هذا الوهم حد اهم على القول بان الماهية فى قوام ذاتها مجعولة مفتقرة الى الجاعل كما قال المحقق اللاهجى . ثم نقل كلامه المذكور من الشوارق . اقول : قوله اكثر شيوع هذا المذهب  كان من زمان شيخ الاشراق , كلام صادر عن متن التحقيق و كم له من الشواهد : منها ان اباحامد المعروف  بتركه قد تعرض فى كتاب  الاعتماد على ادلة شيخ الاشراق فى اعتبارية الوجود , و اجاب  عنها و ردها كما فى تمهيد القواعد لابن تركه ( صفحهء 29 / ط 1 ) . بل التحقيق ان قواعد التوحيد تصنيف  ابى حامد , و شرحه

صفحه : 15

تمهيد القواعد المذكور كانا ايضا فى رد هذا الوهم الموهون و رد ادلة شيخ الاشراق فى اعتبارية الوجود .

و هكذا صاحب  الاسفار صرح على ذلك  بقوله :

و اما ما تمسك  به الشيخ الاشراقى فى نفى تحقق الوجود من ان الوجود لو كان حاصلا فى الاعيان فهو موجود لان الحصول هو الوجود و كل موجود له وجود فلوجوده وجود الى غير النهاية , فلقائل ان يقول فى دفعه ان الوجود ليس بموجود فانه لا يوصف  الشىء بنفسه .

او نقول : الوجود موجود و كونه وجودا هو بعينه كونه موجود او هو موجودية الشىء فى الاعيان لا ان له وجودا آخر بل هو الموجود من حيث  هو وجود , و الذى يكون لغيره منه و هو ان يوصف  بأنه موجود يكون له فى ذاته و هو نفس ذاته ( جلد 1 / صفحهء 8 ط 1 ) .

و بقوله : ذهب  صاحب  الاشراق و متابعوه من كافة المتأخرين الا نادرا كون الوجود مجرد مفهوم عام . و الشبهة مما اوردها هو اولا فى المطارحات تصريحا و فى التلويحات  تلميحا , ثم ذكرها ابن كمونة و هو من شراح كلامه فى بعض مصنفاته و اشتهرت  باسمه و لاصراره على اعتبارية الوجود و انه لا عين له فى الخارج تبعا لهذا الشيخ الاشراقى ( جلد 3 / صفحهء 12 / ط 1 ) . و اشار الى ذلك  بقوله : و من هيهنا يثبت  و يتحقق بطلان ما ذهب  اليه اكثر المتاخرين : من اعتبارية الوجود و كونه امرا انتزاعيا لا هوية له فى الخارج و لا حقيقة له ( جلد 3 / صفحه 30 / ط 1 ) .

و - و منها ان القائلين بان الماهية مجعولة بالذات  بالجعل البسيط , ثلاث  فرق :

صفحه : 16

فرقة قائلة بان الجاعل الواجب  بالذات  وجود بحت  , اى ان الوجود عين ذات  الواجب  , و زائد فى الماهيات  اى الوجود فى الماهيات  اعتبارية . كما هو راى صاحب  القبسات  و قبساته مشحونة به . قال فى آخر القبس الثانى ( صفحه 50 / ط 1 ) .

و ميض , ما اسهل لك  اذن بما قد تلوناه على سمع قلبك  ان تستيقن بالعقل المضاعف  حق اليقين ان الوجود المطلق المشترك  بين جميع الموجودات  عين الذات  فى الحقيقة الواجبة , زائد على الماهية فى الماهيات  الممكنة فالقيوم الواجب  بالذات  جل ذكره ماهيته هى بعينها انيته , و الماهية الممكنة ماهيتها وراء انيتها .

اليس بالتقسيم الحاصر الدائر بين النفى و الاثبات  , الموجود اما هو متقرر الذات  بنفس ذاته , اوليس هو متقرر الذات  بذاته بل من تلقاء جاعل يبدع جوهر ذاته ؟

فان كان متقرر الماهية بذاته فهو الواجب  بالذات  , و ان كان متقرر الذات  لا بنفس ذاته بل من تلقاء غيره فهو الممكن بالماهية . و قد دريت  ان الوجود هو نفس الموجودية المصدرية المنتزعة من الذات المتقررة و مطابقة نفس جوهر الذات  . فاذا كانت  الذات  متقررة بنفسها كان يصح لا محالة انتزاع الموجودية المصدرية منها , و حمل مفهوم الموجود عليها بحسب  نفسها لا بحيثية تقييدية و لا بحيثية تعليلية , فكانت  نسبة الموجود و الموجودية اليها نسبة الحيوان الناطق و الانسانية الى ذات الانسان , فهذا هو معيار العينية و ملاكها .

و اذا كانت  متقررة لا بنفسها بل من تلقاء جاعل يبدعها لم يكن صفحه : 17

يتصحح انتزاع الموجودية و حمل الموجود عليها الا بحيثية تعليلية و ان كان لا يفتقر ذلك  الى حيثية تقييدية و هذا هو قسطاس الزيادة و ميزانها .

فاذن قد استتب  ان الوجود العينى المتصل عين حقيقة القيوم الواجب بالذات  , و زائد على ماهية الذات  الممكنة .

و من سبيل آخر قد تعرفت  ان الوجود لا يجوز ان يكون من لوازم الماهية على الاصطلاح الصناعى . فاذن وجب  ان يكون وجود الموجود بذاته فى حاق الاعيان عين ذاته و نفس حقيقته كما ان الحقيقة الانسانية عين ذات  الانسان من لوازم ماهيته كالزوجية للاربعة .

فاذا قد استبان ان الوجود الاصيل الحق فى حاق الاعيان و متن الواقع هو عين مرتبة ذات  القيوم الواجب  بالذات  تعالى سلطانه . انتهى ما اردنا من نقل كلام صاحب  القبسات  .

اقول : ينبغى التوغل فى معنى قوله[ : ( ان الوجود المطلق المشترك  بين جميع الموجودات]( . . .   .

فان مفهوم الوجود المطلق لا يكون عين الحقيقة الواجبة , بل ظاهر هذا القول يفيد ما اختاره المشاء فى الوجود . ثم ان كان الوجود فى الماهيات اعتبارية فمن اى جهة يعتبر الوجود فيها . على انه قال فى الوميض الاول من القبس الثانى : الوجودات  باسرها من عوارض الماهية ( صفحه 28 / ط 1 ) .

فيمكن على ذلك  ان يقال ان الجعل تعلق بالماهية من حيث  ان الوجود من حيث  هو ليس بمجعول , و الماهية اصيلة فى الجعل و

صفحه : 18

التحقق بهذا المعنى . و هو يرجع الى التوحيد الحق الصمدى الذى اختاره الكمل من الموحدين . و ان كان قد اشتهر انه قائل باصالة الماهية و نطق به صريحا تلميذه فى الاسفار و سائر صحفه . فتدبر .

و فرقة قائلة بان الجاعل الواجب  بالذات  وجود بحت  صرف  ايضا كالفرقة الاولى الا انهم لا يقولون بأن الوجود زائد على الماهيات  و يعتبر و ينتزع منها كما قالت  الاولى به بل يقولون :

ان اطلاق الموجود على الماهيات  يكون بمعنى انها منسوبة الى جاعلها فموجود صيغة نسبة كما تقول لابن و تامروا اترابهما . و هذا قول ذوق التأله على زعمهم .

اقول : كون الماهية منسوبة الى جاعلها هو نسبة المعلول الى علته . و العلة قائمة على معلولها فتلك  النسبة ليست  النسبة الاعتبارية كقولك هذا المال لزيد بل هى النسبة الحقيقية النورية و الاضافة الاشراقية كقوله سبحانه :

له ما فى السموات  و ما فى الارض  ( النساء / 172 ) , و هذا الانتساب هو ذوق التأله بلا مراء .

و ما فى الكتب  الرائجة من تفسير الانتساب  المذكور فى كلمات  اهل ذوق التأله من بينونة الفاعل عن فعله و انتساب  الفعل الى فاعله هو نحو اللابن و التامر , فهو بمعزل عن التحقيق . و هؤلاء الاكابر كالدوانى و امثاله كيف  يذهبون الى هذا التوحيد و الجعل فى الجاعل و جعله . و لا ارتضى بذلك  التفسير و لا اصوب  حمل انظارهم القويمة فى التوحيد على هذا الوجه المعوج .

فذوق التاله راى بنور الايمان وحدة الحق سبحانه و عبر عن صفحه : 19

انتساب  الماهيات  المجعولة بنحو الامثلة المزبورة تسليكا الى ما سلك من أن الوجود ليس بمجعول و الجعل يتعلق بالماهيات  على ضرب  من الاعتبار يعتبر فى تطورات  الوجود و شئونه و تجلياته فى مظاهر آياته . فتدبر . الا ترى كلام اهل التوحيد الصمدى حيث  قالوا : انه لا وجود فى الحقيقة للصور لانها صور النسب  العدمية . و معنى موجوديتها انتساب  الوجود اليها فلا وجود الا اللذات  الاحدية و الباقى نسبه و احواله ( مصباح الانس , صفحهء 247 , ط 1 ) .

و فرقة قائلة بان الجاعل الواجب  بالذات  ماهية مجعولة الكنه . و الماهيات  مجعولة بالاصالة اعنى بالذات  , و انها ظلال الماهية الواجبة بالذات  و قائلة بالتشكيك  فى نفس جوهر الماهية كما ذهب  اليه شيخ الاشراق .

قال صاحب  القبسات  : و ميض , اسمعت  شيخ الاشراق يقول فى المطارحات مستثبتا للتشكيك  فى الذاتيات  بالكمالية و النقص فى نفس جوهر الماهية بهذه العبارة :

ثم اذا بين ان الوجود من الامور الاعتبارية , و لا تتقدم العلة على معلولها الا بماهيتها فجوهر المعلول ظل لجوهر العلة , و العلة جوهريتها اقدم من جوهر المعلول , و كل امر يشترك  فيه العلة و المعلول و ما فى المعلول مستفاد من العلة و هو كظل للامور العقلية فكيف  ساواها فى الجوهرية اى ان الوجود امر ذهنى فليس التقدم الا بالماهية فتقدم جوهرية العلة على جوهرية المعلول و هو مذهب  افلاطن والاقدمين و هم يجوزون ان تكون نفس اقول و اقوى من نفس

صفحه : 20

فى جوهرها . انتهى كلامه ( صفحهء 46 من القبسات  , ط 1 ) . اقول : و لا يخفى عليك  ان اسناد ما اختاره الى افلاطون و الاقدمين خال عن الاعتبار . ثم انه ان عنى بالماهية معناها الاعم فيمكن حمل كلامه على وجه وجيه و الا فهو بظاهره موهون و المعروف  انه استبصر و انصرف  عن هذا الراى الفائل .

ز - و منها ان من قال بان الجعل البسيط هو الاتصاف  فما يعنى بذلك الاتصاف  ؟

قال المحقق اللاهيجى فى المسألة الخامسة و الثلاثين من الشوارق ( صفحهء 128 , ط 1 ) :

و يمكن اختيار كون التأثير - يعنى به الجعل - فى الاتصاف  ايضا لا بان يكون الاثر المترتب  على التأثير هو هذا المفهوم النسبى بل بأن يكون الصادر و الاثر المترتب  امرا واحدا يحلله العقل الى ماهية هى الموصوف  و وجود هو الصفة فيصفها به فلما كان كون هذا الامر بحيث  يمكن للعقل تحليله المذكور انما هو بجعل الجاعل المؤثر فان الجاعل حيث  جعله جعلا بسيطا فقد جعله بحيث  كذا صدق ان تأثير المؤثر انما هو فى جعله بحيث  كذا , و هو معنى جعله متصفا بالوجود اعنى الاتصاف  .

و هذا هو مراد الشيخ حيث  قال فى جواب  من سأله عن هذه المسألة و هو يأكل المشمش : الجاعل لم يجعل المشمش مشمشا بل جعل المشمش موجودا , هذا . انتهى كلامه .

اقول : و كلامه هذا فى بيان مرام المشائين مأخوذ من افاضة استاذه صاحب الاسفار فى ذلك  . و كلام صاحب  المنظومة ناظر الى

صفحه : 21

كلامهما حيث  قال :

محققوا المشائين مشوا الى جانب  مجعولية الوجود , و غير محققيهم الى مجعولية الاتصاف  و صيرورة الماهية مجعولة , و لعل هؤلاء ارادوا ان اثر الجاعل امر بسيط يحلله العقل الى موصوف  و صفة و بالحقيقة ذلك  الامر البسيط هو الوجود و الا فظاهره سخيف  لان الاتصاف  فرع تحقق الطرفين و انه امر انتزاعى .

و قال فى هامش المنظومة : انما عبروا عن ذلك  الامر البسيط بالاتصاف لانه المنتزع منه للاتصاف  و مطابق الحمل و قابل التحليل . لكن بين كلام صدر المتألهين و المتأله السبزوارى و بين كلام المحقق اللاهيجى فرقا من حيث  ان اللاهيجى اخذ الموصوف  ماهية و الصفة وجودا على مبناه من القول على اصالة الماهية , و انهما اخذا الوجود اصلا على مشربهم العذب  الفرات  .

ثم اقول : ان المشائين محققيهم و غير محققيهم قائلون باصالة الوجود و تشكيكه اولا , كما فى النمط الرابع من الاشارات  .

و قائلون بان الوجود فى الحقيقة الواجبة نفس ماهيتها اذ ليس للواجب ماهية غير طبيعة الوجود , و بان للوجودات  الممكنات  ماهيات  معروضة لها ثانيا , كما فى اوائل تمهيد القواعد لابن تركه ( ص 36 , ط 1 ) . و قائلون بان الوجود الحقيقى منضم الى الماهية فبانضمامه اليها تصير الماهية موجودة و به يترتب  عليها الاثار ثالثا , كما فى القول الوسيط ( صفحه 267 , ط 1 ) .

و حيث  ان اثر الجعل بالذات  يجب  ان يكون امرا عينيا موجودا فى الخارج , و ان الاتصاف  نسبة غير مستقلة و رابطة بين الماهية و

صفحه : 22

الوجود و مرآة لملاحظتهما و هو بهذا الاعتبار ليس اثرا للبسيط , حمل المحققان اللاهيجى و السبزوارى كلامهم فى الاتصاف  على ما دريت  ليوافق قولهم فى الجعل اقوالهم الاخرى و نعم ما فعلا .

و لكن لا يخفى عليك  ان ما حمل عليه اللاهيجى كلام بمعزل عن عقيدتهم الثابتة الراسخة فى ان الوجود اصل , فتعين كلام المتألة السبزوارى فى ذلك  . نعم بقى فى مرامهم كلام سنتلوه عليك  .

و اقول : ان التعبير بالانضمام فى القول الوسيط و غيره فهو بضرب  من التوسع فى التعبير لان الامر أرفع من هذا التعبير و امثاله عند هؤلاء الافاخم . و الانضمام فى المقام انما هو بالتعمل العقلى بين الوجود و الماهية , و المشاء قد استدلوا باحتياج الماهية فى تحققها الخارجى على اثبات  اصل مفارق .

ح - و منها ان الجعل عند القائلين باصالة الوجود فى الممكنات  ايضا على وجوه فكما ان القائلين بان الماهية مجعولة بالذات  جعلا بسيطا كانوا فرقا , كذلك  القائلون بان الوجود فى الممكنات  مجعول بالذات  جعلا بسيطا : ففرقة و هم المشائون ذهبوا الى اصالة الوجود و التشكيك  فى اطلاق الوجود على الموجودات  , و كونها حقائق مختلفة . و الحرى ان نأتى بطائفة من اقوالهم فى بيان مرادهم لانه لا يخلو من انغلاق عويص فاقول : ان القول الاقوم فى ذلك  ما افاده المحقق الطوسى فى جواب  الفخر الرازى فى شرحه على الفصل السابع عشر من النمط الرابع من الاشارات  , حيث اضطرب  الفخر فى الجمع بين اقوال الحكماء من ان

صفحه : 23

الوجود لا يقع على الموجودات  بالاشتراك  اللفظى , و ان الوجود شىء واحد فى الجميع , و ان وجود الممكنات  امر عارض لماهياتها , فحكم بأن وجود الواجب  مساو لوجود الممكنات  , و ان وجود الواجب  ايضا عارض لماهيته و ماهيته غير وجوده .

فاجابه الخواجة بقوله : منشأ هذا الغلط هو الجهل بمعنى الوقوع بالتشكيك  فان الوقوع بالتشكيك  على اشياء مختلفة انما يقع عليها لا بالاشتراك  اللفظى وقوع العين على مفهوماته بل بمعنى واحد فى الجميع و لكن لا على السواء وقوع الانسان على اشخاصه , بل على الاختلاف  إما بالتقدم و التأخر وقوع المتصل على المقدار و على الجسم ذى المقدار . و إما بالاولوية و عدمها وقوع الواحد على ما لا ينقسم اصلا و على ما ينقسم بوجه آخر غير الذى هو واحد . و إما بالشدة و الضعف  وقوع الابيض على الثلج و العاج .

و الوجود جامع لجميع هذه الاختلافات  فانه يقع على العلة و معلولها بالتقدم و التأخر , و على الجوهر و العرض بالاولوية و عدمها . و على القار و غير القار كالسواد و الحركة بالشدة و الضعف  . بل على الواجب  و الممكن بالوجوه الثلاثة . و المعنى الواحد المقول على اشياء مختلفة لا على السواء يمتنع ان يكون ماهية او جزء ماهية لتلك  الاشياء لان الماهية لا تختلف  و لا جزئها بل انما يكون عارضا خارجيا لازما او مفارقا مثلا كالبياض المقول على بياض الثلج و بياض العاج لا على السواء , فهو ليس بماهية و لا جزء ماهية لهما بل هو أمر لازم لهما من خارج . صفحه : 24

و ذلك  لان بين طرفى التضاد الواقع فى الالوان انواعا من الالوان لا نهاية لها بالقوة و لا اسامى لها بالتفصيل يقع على كل جملة منها اسم واحد بمعنى واحد كالبياض او الحمرة او السواد بالتشكيك  و يكون ذلك  المعنى لازما لتلك  الجملة غير مقوم فكذلك  الوجود فى وقوعه على وجود الواجب  و على وجود الممكنات  المختلفة بالهويات  التى لا أسماء لها بالتفصيل , لا اقول على ماهيات  الممكنات  بل على وجودات  تلك  الماهيات  اعنى انه ايضا يقع عليها وقوع لازم خارجى غير مقوم .

و اذا تقرر هذا فقد انحل اشكالات  هذا الفاضل بأسرها , و ذلك  لان الوجود يقع على ما تحته بمعنى واحد كما ذهب  اليه الحكماء , و لا يلزم من ذلك تساوى ملزوماته التى هى وجود الواجب  و وجودات  الممكنات  فى الحقيقة لان مختلفات  الحقيقة قد تشترك  فى لازم واحد , انتهى كلامه . و قريب  من كلامه ما قروه صاحب  الشوارق فى المسألة الثالثة بهذا العنوان : نقل مقال و تقرير اشكال , الخ .

اقول : كلام الخواجه فى رد الفخر الرازى كان على مشرب  المشاء و ليس لاحد ان يقول بمجرد تحريره هذا : لعل هذا التحقيق كان على نظره الخاص و رأيه الذى مال اليه فى الوجود . و ذلك  لانه قال فى اول الكتاب  : و اشترط على نفسى ان لا اتعرض لذكر ما اعتمده فيما اجده مخالفا لما اعتقده فان التقرير غير الرد و التفسير غير النقد .

نعم كلامه هذا فى المقام خاصة فى رد الفخر الرازى هو مختاره ايضا فى التجريد فراجع الى المسألة الرابعة عشرة و كذا فى المسألة السابعة و العشرين من الشوارق ( صفحهء 61 , صفحهء 101 , ط 1 ) .

صفحه : 25

فحصل من كلامه ان المشائين ذهبوا الى ان الوجود هو الاصل فى التحقق , بل الاصل فى الجعل ايضا .

و ان الوجود يطلق على الموجودات  بالتشكيك  لا على التواطى . و حيث  ان التشكيك  غير جار فى الماهية و جزئها فاطلاق الوجود على وجود الواجب  و وجود الممكنات  نحو اطلاق اللازم الخارجى غير المقوم للشىء عليه , كما ان اطلاق الوجود على الماهيات  كان ايضا كذلك  حيث  قال : اعنى انه ايضا يقع عليها الخ .

و ان الموجودات  حقائق مختلفة بالهويات  لا اسماء لها بالتفصيل . و جملة القول و ملخصه فى مرام المشائين فى هذه المسألة ما فى الحكمة المنظومة ( ص 19 ) , حيث  قال : الوجود عند طائفة مشائية من الحكماء حقائق تباينت  بتمام ذواتها البسيطة لا بالفصول ليلزم التركيب  و يكون الوجود المطلق جنسا , و لا بالمصنفات  و المشخصات  ليكون نوعا بل المطلق عرضى لازم لها بمعنى انه خارج محمول لا انه عرضى بمعنى المحمول بالضميمة , انتهى .

و قد حررنا مذهبهم هذا فى رسالتنا الفارسية[ : ( وحدت  از ديدگاه عارف و حكيم](  و قد انتهت  فذلكة البحث  هناك  الى امور ستة . 1 - الوجود اصل فى التحقق و الماهية اعتبارية .

2 - الوجودات  حقائق متبائنة بتمام ذواتها البسيطة .

3 - الوجود المطلق العام عارض لازم للوجودات  الخارجية المتبائنة و محمول عليها اى محمول من صميمها , لا انه محمول بالضميمة . 4 - اطلاق الوجود العام على الموجودات  الخارجية المتبائنة - اى حمله عليها - على سبيل التشكيك  اى اللازم واحد و الملزومات

صفحه : 26

متعددة متبائنة .

5 - التشكيك  عارض على الوجود العام , و الوجود العام عارض على الملزومات  المتبائنة التى هى وجودات  خارجية .

6 - من تلك  الملزومات  اى الوجودات  الخارجية واحد منها و هو الواجب تعالى وجود صرف  فرد , و اما ما سواه سبحانه فكل ممكن زوج تركيبى من وجود و ماهية .

و لا يخفى عليك  ان التوحيد على هذا الزعم تنزيه فى عين التشبيه . و يرد على المشاء على زعمهم هذا اشكالات  عديدة : منها علم البارى بالجزئيات من حيث  هى جزئية لا العلم بها على سبيل الكلى .

و منها فى ربط الكثير بالواحد و صدوره عنه .

و منها اصالة الوجود فى الممكنات  و هى حقائق متبائنة , مع ان حكم السنخية فى العلة و معلولها اصل قويم .

و منها جعل الوجود فى الممكن و تحققه فى الخارج .

و منها انفاذ امره فى ما سواه و كيفية ارتباطه بها . و غيرها من اشكالات  اخرى .

و اعلم ان كلام المشاء فى تباين الوجودات  بتمام ذواتها البسيطة هو نحو تباين الاجناس العالية و اختلاف  بعضها مع بعض فى تمام ذواتها البسيطة . و انما مال المشاء الى مذهبهم هذا , لانهم قالوا : لو لم تكن الوجودات حقائق متبائنة و كانت  حقيقة الوجود حقيقة واحدة , لما كان وجود فى كونه علة لوجود اولى من كونه معلولا فلزم فى علية الوجود

صفحه : 27

لوجود الترجيح من غير مرجح و لذا يجب  ان تكون الوجودات  حقائق متبائنة . و لانهم مالوا اليه حذرا من التشكيك  فى الماهية . و سيأتى تحقيق القول فى بيان مذهبهم .

و فرقة من القائلين باصالة الوجود اعتقدوا بان الوجود امر واحد عينى مطلق سعى , وسعت  رحمته كل شىء و هو حقيقة واحدة ذات  مراتب  بالشدة و الضعف  و الغنا و الفقر و الكمال و النقص اى ان الوجود مشكك  بهذا المعنى . و مع ذلك  ان الخالق فى مقام عزه و هو الواحد العزيز القهار , و المخلوق فقير بل فقر و ربط يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله و الله هو الغنى الحميد و هذا المذهب  هو مختار صدر المتألهين . و فرقة منهم و هم اهل العرفان و الايقان موقنون بان الوجود واحد شخصى بمعنى انه حقيقة واحدة ذات  مظاهر اى ان الوجود مشكك  بهذا المعنى . وجود اندر كمال خويش ساريست

تعينها امور اعتباريست

و هذان الفريقان قائلان بوحدة الوجود و مرادهما من الوحدة هذه ان الوجود هو الصمد الحق اى لا جوف  له بمعنى انه لا يشذ عنه شىء . و يعبرون عن هذه الوحدة الحقة بغير المتناهى ايضا كما يعبرون عنه ايضا بان بسيط الحقيقة كل الاشياء . و الوجود عندهم ليس بمجعول بل هو يساوق الحق كما تقدمت الاشارة اليه .

و الكثرة عند الفريقين فى عين الوحدة مقهورة فيها , و الوحدة فى عين الكثرة قاهرة عليها و ان كانت  الوحدة عند الاول طور , و عند الاخير طور آخر . و قل من وصل الى ذروة معرفة هذا الوجه الشامخ

صفحه : 28

و بلغ الى غاية فهمه و درايته و ما هو الا الدين الحق الذى رزقه الله تعالى من اصطفى من عباده . و هذا هو التوحيد القرانى الاسلامى لان الدين عند الله الاسلام .

الحمد لله الذى هدانا لهذا و ما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله . و ان شئت  مزيد ايضاح فخذ العلم من افواه الرجال , رجال العلم و اليقين . على ان رسائلنا مشحونة بتبيان ذلك  الدين القويم .

و احسن رويتك  فى التميز بين الوجود و الايجاد . و فى تصور الماء مثلا بصور الثلج و الجليد و الجمد , او الموج بصور النور و الصوت  و الاشعة المجهولة . و الصور الاولى كلها ماء , و الثانية كلها موج , و كما نطق صاحب  المنظومة بالحق .

كيف  و بالكون عن استواء

قد خرجت  قاطبة الاشياء

و التوجه الى التقدم بالحق و التأخر به فى البحث  عن السبق و اللحوق له دخل عظيم فى معرفة التوحيد الاسلامى فراجع الى رسالتنا انه الحق , او الى النكتة الرابعة عشرة من كتابنا الف  نكته و نكته .

فان قلت  : ما الفرق بين التشكيك  الذى ذهب  اليه المشائون و بين الذى ذهب  اليه صاحب  الاسفار ؟

قلت  : التشكيك  عند صدر المتالهين هو التفاوت  التشكيكى فى الحقيقة الواحدة , و عندهم التفاوت  التشكيكى فى المطلق الخارج المحمول اى الخارج من صميم الشىء ثم المحمول عليه , و المحمولات  حقائق متبائنة عندهم , و اما عنده فالمحمولات  حقيقة واحدة متفاوتة بالكمال و النقص الجامع بين انواع التشكيك  الستة .

و بعبارة اخرى التشكيك  على مذهب  المشاء تشكيك  عامى , و على صفحه : 29

مذهب  المولى الصدراء تشكيك  خاصى . و هذا التشكيك  اى التشكيك  فى حقيقة الوجود مذهب  المحققين من الحكماء كما نص به المتأله السبزوارى ايضا فى آخر الغوص فى المتواطى و المشك  من اللالى ( صفحهء 17 , ط 1 ) . و القيد بالمحققين لاخراج من قال بالتباين و التشكيك  العامى . تنبيه : و حيث  دريت  ان التفاوت  فى الوجود عند صدر المتألهين هو التفاوت  التشكيكى فى الحقيقة الواحدة , فبذلك  تقدر على دفع استدلال المشاء المذكور من لزوم الترجيح من غير مرجح , و ذلك  بانه يكفى فى الخروج عن الترجيح من غير مرجح التفاوت  التشكيكى فى الحقيقة الواحدة . و كذا على رد دليلهم الاخر كما هو ظاهر غير خفى .

ثم لا يخفى عليك  ان التشكيك  بالمعنى المذكور العامى راجع فى الحقيقة الى التواطى . و قد راينا نقل كلام المتأله السبزوارى فى المقام مناسبا لكونه متضمنا لنحوى التشكيك  و بيان مرجع التشكيك  العامى الى التواطى و فوائد اخرى . قال : قدس سره - فى الغوص المذكور :

الحاصل ان الكلى ان لم يكن فيه التفاوت  فهو متواط كالبياض الصادق على بياض هذا الثلج و ذاك  الثلج و ذلك  الثلج , و ان كان فيه التفاوت  فان كان بامور زائدة من القوابل و العوارض فهو المشكك  بالتشكيك  العام كنور الشمس الصادق على الضياء و نور القمر و الاظلال و هذا يسمى مشككا اذ فيه التفاوت  . و عاما اذ كون الكلى فيه التفاوت  يشمل هذا و الخاصى . و لكن مرجع هذا التشكيك  الى التواطى اذ التفاوت  بالزوائد ففى هذه الانوار يرجع الشدة و الضعف  و العلية و

صفحه : 30

المعلولية الى وجودها لا الى ماهيتها .

و ان كان فيه التفاوت  و بنفسه التفاوت  بان يكون لنفس الحقيقة عرض عريض و فى ذاته و بذاته التمام و النقصان فهو المشكك  بالتشكيك  الخاصى . و النور الحقيقى عند الشيخ الاشراقى هكذا . و عند المحققين من الحكماء حقيقة الوجود هكذا اذ لها درجات  متفاضلة فى الكمال . انتهى . بيان : يعنى كما ان الانسان مثلا يصدق على افراده متواطئا , و التفاوت فيها بالامور الزائدة التى هى عوارض مشخصة او مصنفة , فكذلك  نور الشمس صادق على الضياء و هو الاصلى الذاتى الذى غير مكتسب  , و على نور القمر المكتسب  , قال عز من قائل :  هو الذى جعل الشمس ضياء و القمر نورا ( يونس 6 ) .

و على الاظلال ايضا و التفاوت  فيها بالزوائد . و المراد بالزوائد هيهنا الوجودات  المتفاوتة شدة و ضعفا و علية و معلولية العارضة على ماهية النور ذهنا : فقوله[ : ( ففى هذه الانوار](  متفرع على قوله[ : ( و لكن مرجع هذا التشكيك  الى التواطى اذا التفاوت  بالزوائد](  و المراد من هذه الانوار هو نور الشمس و القمر و الاظلال . ثم مراد الشيخ الاشراقى من النور الحقيقى هو حقيقة الوجود عند المحققين من الحكماء , و اختلاف التعبير مجرد اصطلاح و الشيخ ابدع اصطلاحات  اخرى فى قبال اصطلاحات  المشاء كما هو ديدنه المعروف  الظاهر من كتبه سيما كتابه حكمة الاشراق . و ان قلت  : ما الفرق بين التشكيك  الذى ذهب  اليه صاحب  الاسفار و بين ما ذهب  اليه ارباب  العرفان ؟

صفحه : 31

قلت  : الوجود عنده حقيقة واحدة ذات  مراتب  , و عندهم حقيقة واحدة ذات  مظاهر بل واحد شخصى له مظاهر فالتشكيك  عندهم بلحاظ سعة المظاهر و ضيقها . و قد نطق صاحب  الاسفار ايضا فى مرحلة العلة و المعلول منه بمنطقهم الصواب  .

و لذا قال بعض اعاظم العلماء : انه فى اوائل الاسفار لم يحرر التوحيد على وجهه الذى يليق به و قد نطق فى مرحلة العلة و المعلول منه بالصواب و قرره اتم تقرير كما شهده الموحدون الكاملون .

ثم انا قد استوفينا البحث  عن التشكيكات  الثلاثة المذكورة و الفرق بينها و تحقيق الحق فى تبيان التوحيد الحقيقى الصمدى فى رسالتنا الفارسية . الموسومة ب[ ( وحدت  از ديدگاه عارف  و حكيم , صفحهء 51 , 62 ]( فان شئت  فراجع اليها .

و ان قلت  : اذا كان الوجود هو الحق الصمد اى على وحدته الشخصية فاين امتياز الخالق عن المخلوق و المحيط عن المحاط . ؟

قلت  : ان تميز المحيط عن المحاط انما هو بالتعين الاحاطى , لا بالتعين التقابلى . الا ترى قوله سبحانه :

و كان الله بكل شىء محيطا  ( النساء 127 ) و لم يقل : على كل شىء محيطا ؟ فافهم .

و تدبر فى ذلك  كلام الوصى عليه السلام :

توحيدة تمييزه عن خلقه , و حكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة  ( نهج البلاغه , خطبة 177 ) .

و قوله عليه السلام :  داخل فى الاشياء لا كشىء داخل فى شىء , و خارج من الاشياء لا كشىء خارج من شىء  ( توحيد الكافى , باب  انه صفحه : 32

لا يعرف  الا به , جلد 1 , صفحه 67 ) و نحوهما من كلماته الاخرى جمعناها فى رسالتنا انه الحق , فان شئت  فراجع اليها .

و نقول فى بيان التعينين الاحاطى و التقابلى .

ان التعين انما يتصور على وجهين : اما على سبيل التقابل له , او على سبيل الاحاطة .

لا يخلو امر الامتياز عنهما اصلا و ذلك  لان ما به يمتاز الشىء عما يغايره اما ان يكون ثبوت  صفة للمتميز , و ثبوت  مقابلها لما يمتاز عنه كالمقابلات  . و اما ان يكون ثبوت  صفة للمتميز و عدم ثبوتها للاخر كتميز الكل من حيث  انه كل و العام من حيث  انه عام بالنسبة الى اجزائه و جزئياته .

و امارات  التميز فى القسم الاول منه لابد و ان يكون خارجا عن المتعين ضرورة انها نسب  او مبادى نسب  من الامور المتقابلة .

و فى الثانى لا يمكن أن يكون امرا زائدا على المتعين ضرورة انه بعدمه ينتفى الحقيقة المتعينة , و به صارت  الحقيقة هى هى اذ حقيقة الكل انما تحققت  كليته باعتبار احاطته الاجزاء و بها يمتاز عن اجزائه . و كذلك  العام انما يتحقق عمومه باعتبار احاطته الخصوصيات  و الجزئيات و جمعها تلك  الخصوصيات  , و بها يمتاز عن خواصه . و لا شك  ان الهياة المجموعية و الصور الاحاطية التى للاشياء ليس لها حقيقة وراء اجتماع تلك الخصوصيات  واحدية جمعها .

فحينئذ نقول : ان التعين الواجبى انما هو من هذا القبيل اذ ليس فى مقابلته تعالى شىء .

و ان شئت  زيادة تحقيق لهذا المعتى او اقامة بينة لهذه الدعوى صفحه : 33

فتأمل فى قوله تعالى :

لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد  , حيث  سرى النفى فيه متوجها الى النوعين الوجود بين من انواع المتقابلات  و اصنافها , و اذا تقرر هذا عرفت  ان الواجب  يفيد لنفسه ما يفيد شخصية الشخص , و تأمل فى هذه النكتة فانها منطوية على معانى جمة كثيرة الجدوى .

هذه النكتة العليا نقلناها من الفصل السابع عشر من تمهيد القواعد لصائن الدين على بن تركه ( ص 54 , ط 1 ) .

و بما حققنا دريت  ان الوحدة الحقيقية المطلقة الصمدية حق , و الكثرة الحقيقية خلق و سوى و مظاهر و صور و شئون فافهم .

گرچه همه از توييم مشتق اى دوست

ماييم مقيد و تو مطلق اى دوست

اطلاق حقيقت  است  و تقييد نمود

اين نكته مرا هست  محقق اى دوست

كما دريت  ان الوجود غير مجعول , و الجعل يتعلق بالايجاد فينبغى اعمال الدقة فى الامتياز بين الوجود و الايجاد , ثم حق التفكر و التعقل فى الايجاد من الصمد الحق الذى هو الاول و الاخر و الظاهر و الباطن , تدبر ترشد ان شاء الله تعالى .

تبصرة : ما ذكرنا من مذهب  المشائين فى تباين الموجودات  و التشكيك فيها هو المستفاد صريحا من تمهيد القواعد فراجع الى الفصل الثامن و الى الفصل الخامس عشر منه ( ص 36 , 50 ط 1 ) .

الا انه نسب  المذهب  المذكور الى المتأخرين من المشائين حيث  قال : صفحه : 34

ذهب  المتأخرون من المشائين مما نسبوه الى الحكماء المحققين الى ان الحقيقة الواجبة هى الطبيعة الخاصة التى هى فرد من افراد الوجود المطلق , و مقابل للوجودات  الخاصة الممكنة الا ان الوجودات  الممكنات  لها ماهيات  معروضة لها دون الطبيعة الخاصة الواجبة فان الوجود نفس ماهيتها اذ ليس للواجب  ماهية غير طبيعة الوجود الخ ( ص 36 , ط 1 ) . فظاهر كلامه ان المحققين من الحكماء المتقدمين غير قائلين فى الوجود بما ذهب  اليه المتأخرون منهم . اقول : و هو كذلك  ايضا و فى عدة مواضع من الاسفار ايماءات  الى ذلك  . بل لنا شواهد فى ذلك  مستفادة من كتب  الشيخ كالشفاء و الاشارات  ايضا , على ان رسالتنا فى الوحدة كافية فى ذلك المرصد الاسنى .

قال ابوحامد المعروف  بتركه فى اول قواعد التوحيد : ان تقرير مسألة التوحيد على النحو الذى ذهب  اليه العارفون , و اشار اليه المحققون من المسائل الغامضة التى لا يصل اليها افكار العلماء الناظرين من المجادلين , و لا يدركها اذهان الفضلاء الباحثين من الناظرين .

و فى شرحه تمهيد القواعد : قوله ذهب  اليه العارفون اشارة الى المتأخرين من الاولياء المحمديين صلوة الله و سلامه عليه و رضى عنهم الذين صرحوا بافشائها و باحوا بانشادها و انشائها نظما و نثرا و استدلوا على اثباتها للمستبصرين نقلا و عقلا .

و قوله و اشار اليه المحققون , اشارة الى المتقدمين كالانبياء سلام الله عليهم و تلامذتهم الاولياء من الهرامسة و الحكماء القدماء الذين لا يقصدونها فى غالب  عباراتهم الا بنوع من الرمز و الايماء جريا صفحه : 35

فى كل زمان على مقتضى مدارك  اهلة تنزلا الى مدارج افهامهم , و لا يدلون عليها الا بتلويح يكون فيه ضرب  من السر و الخفاء تعميما لما افادوه على الخاص و العام جميعا من جوامع كلمهم .

و قوله الناظرين من المجادلين يمكن ان يكون المراد به المتكلمين كما ان القصد بقوله الفضلاء الباحثين طائفة الحكماء المشائين , انتهى . اقول : مسألة التوحيد المشار اليها فى قواعد التواحيد هو التوحيد القرآنى . و كان بعض مشايخنا رضوان الله تعالى عليه : يعبر عنه بالتوحيد الاسلامى . و لعمرى ان الوصول اليها من اغمض المسائل التى رزق بها الاوحدى فى كل عصر و كما قلت  فى ديوانى :

دولتم آمد به كف  با خون دل آمد به كف

حبذا خون دلى دل را دهد عز و شرف

و فى هذا المشهد لا يكون الوجود مجعولا , و لا الماهية اصيلة و لا الاتصاف , بل يتجلى سلطان برهان الصديقين لمن هو اهله .

و تدبر فى قول القيصرى حيث  قال فى تفسير كلام العارف  العربى فى ديباجة فصوص الحكم[ : ( من المقام الاقدم](  ما هذا لفظه : انما قال على صيغة افعل التفضيل لان للقدم مراتب  و كلها فى الوجود سواء لكن العقل باستناد بعضها الى البعض يجعل قديما و اقدم كترتب  بعض الاسماء على البعض اذ الشىء لا يمكن ان يكون مريدا الا بعد ان يكون عالما , و لا يمكن ان يكون عالما الا بعد ان يكون حيا , و كذلك  الصفات  , و جميع الاسماء و الصفات مستندة الى الذات  فلها المقام الاقدم من حيث  المرتبة الاحدية و ان كانت الاسماء و الصفات  ايضا قديمة ( ص 51 , ط 1 ) .

صفحه : 36

تبصرة اخرى : هذه التبصرة تحوى فائدة جليلة , و هى فى الحقيقة تذنيب التبصرة الاولى و تأييد لها :

قال صدر المتالهين فى اول الشواهد الربوبية بعد نبذة من افاداته فى الوجود ما هذا لفظه : تفريع , فلا تخالف  بين ما ذهبنا اليه من اتحاد حقيقة الوجود و اختلاف  مراتبها بالتقدم و التأخر و التاكد و الضعف  , و بين ما ذهب  اليه المشائون اقوام الفيلسوف  المقدم من اختلاف  حقائقها عند التفتيش : انتهى .

اقول : لا يخفى عليك  ان قوله عند التفتيش متعلق بقوله فلا تخالف  , و وجه التفتيش هو ما أفاده المتأله السبزوارى فى تعليقاته على الشواهد الربوبية , و كذا افاد قريبا منه فى الحكمة المنظومة و حواشيها , و نحن نكتفى بنقل ما فى الشواهد لكثرة فوائده و توضيح مطالبه , قال : قوله : من اتحاد حقيقة الوجود الخ . فانها كنوع واحد مشكك  ما فيه التفاوت  فيه عين ما به التفاوت  , لكن لا يقال عليها النوع لانه وصف شيئية الماهية , و انما يقال انها سنخ واحد و هذا طريقة الفهلويين فى الوجود . و طريقة الشيخ الاشراقى فى حقيقة النور فان النور الاقهر و القاهر و الاسفهبد و النور العرضى عنده سنخ واحد , قال فى حكمة الاشراق : النور كله اى جوهرا كان او عرضا فى نفسه لا يختلف  حقيقته الا بالكمال و النقصان . و قال ايضا : الانوار المجردة لا تختلف  فى الحقيقة . الى غير ذلك  .

و عبارات  الشيخ الرئيس فى الشفاء و المباحث  تنادى بأن تخالف الوجودات  ليس بالذات  بل بالماهيات  المقابلة . و بان الوجود يقبل صفحه : 37

الشدة و الضعف  , و الحقيقتان المختلفتان ليست  احديهما شديدة الاخرى , و لا الاخرى ضعيفة الاولى , و انما لم يبق القول بالتباين على ظاهره لسخافته اذ الوجود بسيط فلو تباين مراتبه كانت  بينونتها بتمام ذواتها البسيطة كنور و ظلمة و علم و جهل و قدرة و عجز . و لو كان كذلك  لزم التعطيل فى المعارف  و المحامد و نحوها , و جاز انتزاع مفهوم واحد من حقائق متبائنة بما هى متبائنة , و لتمت  شبهة ابن كمونة و لم ينحل عقدتها قط , اذ لو جاز المتبائنة بتمام الذات  فى المراتب  الطولية من العلل و المعلولات  لجازت  فى وجودين متكافئين كل فى عرض الاخر و كان معطى الكمال و الفعلية فاقدا لهما و ادعى البداهة فى بطلانه و فى وجدانه اياهما , و لم تكن الموجودات  الافاقية و الانفسية آيات  الله تعالى , و هل تكون الظلمة آية النور , و العجز آية القدرة , و الجفاف  آية البلة ؟ و لم تكن العلة حدا تاما للمعلول , و المعلول حدا ناقصا للعلة كما قال القدماء , و لم يكن ما هو لم هو فى كثير من الاشياء كما قال ارسطاطا ليس , و لم يكن العلم التام بالعلة علما تاما بالمعلول كما قال به المحققون .

بل عبروا بادوات  القصر و قالوا : ذوات  الاسباب  لا تعرف  الا باسبابها , و لم يكن التغيرات  الطولية استكمالا و لبسا للفعلية ثم لبسا , كما أنها فى السلسلة العرضية الكونية خلع ثم لبس . و لا الموجودات  الكاملة بالنسبة الى الناقصة كاجمال و تفصيل و لف  و نشر .

و لا جامعا لجميع فعليات  ما دونه مع شىء زائد , و بطلان التوالى كثبوت الملازمة ظاهر عند ارباب  التحقيق و الله ولى التوفيق . انتهى ( ص 5 , ط 1 , الحجرى ) .

صفحه : 38

اقول : و لا يخفى عليك  ان مغزى التفتيش عدم موافقة القول بالتباين لكثير من القواعد المتينة الحكمية التى اذعن بها و اسسها اكابر الحكماء المشائين . فكان التفتيش يمنع العقل عن قبول التباين و حمله على ظاهره . و لذا تصدى صدر المتالهين للجمع بين الرايين و رفع الاختلاف  فى البين , و نعم ما فعل الا ترى كلام المعلم الثانى فى المدينة الفاضلة : ان الحق يساوق الوجود ( ص 11 , ط مصر ) .

اعلم ان اطلاق التباين على التغاير فى كلمات  مشائخ العرفان و المشاء و الحكمة المتعالية كثير جدا فيقولون الحقائق المتبائنة فيعنون بها الحقائق المتغائرة . و كثيرا ما يصرحون بالمتغائرة بدل المتباينة و شواهدنا فى ذلك  اكثر من ان تحصى و عند التفتيش ترجع آرائهم الى التوحيد الاسلامى بلا مراء .

و ما لم ينته الامر الى الوجود الصمد الواحد بالوحدة الشخصية لم يتم مسائل التوحيد على وجهها الاحسن الاكمل , و لا يتخلص الموحد عن تهاجم الشبه فذلك  التوحيد الحق هو المخلص .

و الحق ان كلمات  الشيخ الرئيس نص صريح فى أن الوجود حقيقه صمدية و ما سواه شئونه و ظلاله على التوحيد الذى يعتقده الخواص اعنى التوحيد القرآنى الذى اشرنا اليه . و ذلك  لانه قال فى المباحثات  : ان الوجود فى ذوات  الماهيات  لا يختلف  بالنوع بل ان كان اختلاف  فبالتاكد و الضعف  , و انما يختلف  ماهيات  الاشياء التى تنال الوجود بالنوع , و ما فيها من الوجود غير مختلف  بالنوع فان الانسان يخالف  الفرس بالنوع لاجل ماهيته لا لوجوده .

و كذا قال فى التعليقات  : الوجود المستفاد من الغير كونه صفحه : 39

متعلقا بالغير هو مقوم له , كما ان الاستغناء عن الغير مقوم لواجب الوجود بذاته , و المقوم للشىء لا يجوز ان يفارقه اذ هو ذاتى له : و قال فى موضع آخر من التعليقات  ايضا : الوجود اما ان يكون المحتاج الى الغير فيكون حاجته الى الغير مقومة له , و اما ان يكون مستغنيا عنه فيكون ذلك  مقوما له , و لا يصح ان يوجد الوجود المحتاج غير محتاج كما انه لا يصح ان يوجد الوجود المستغنى محتاجا و الا قوم بغيره و بدل حقيقتها , انتهى .

و صاحب  الاسفار بعد نقل كلماته المذكورة فى الفصل الخامس من المنهج الاول من المرحلة الاولى منه ( ص 9 , ج 1 , ط 1 ) قال ما هذا لفظه : ان العاقل اللبيب  بقوة الحدس يفهم من كلامه ما نحن بصدد اقامة البرهان عليه حيث  يحين حينه من ان جميع الوجودات  الامكانية و الانيات  الارتباطية التعلقية اعتبارات  و شئون للوجود الواجبى , و اشعة و ظلال للنور القيومى لا استقلال لها بحسب  الهوية , و لا يمكن ملاحظتها ذواتا منفصلة و انيات مستقلة لان التابعية و التعلق بالغير و الفقر و الحاجة عين حقائقها , لا ان لها حقائق على حيالها عرض لها التعلق بالغير و الفقر و الحاجة اليه بل هى فى ذواتها محض الفاقة و التعلق , فلا حقائق لها الا كونها توابع لحقيقة واحدة . فالحقيقة واحدة و ليس غيرها الا شئونها و فنونها و حيثياتها و اطوارها و لمعات  نورها و ظلال ضوئها و تجليات  ذاتها كل ما فى الكون و هم او خيال , او عكوس فى المرايا او ظلال .

انتهى ما اردنا من نقل كلام صاحب  الاسفار , و بالجملة كلام صفحه : 40

هذين العلمين فى بيان التوحيد القرآنى كالنور على شاهق الطور . الحمد لله الذى هدانا لهذا و ما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله . و فرقه منهم كابى الحسن الاشعرى و ابى الحسين البصرى و اتباعهما النافين للاشتراك  المعنوى حذرا من المشابهة و السنخية بين العلة و المعلول , و النافين لزيادة الوجود على الماهية , بل قالوا بعينيته لها ذهنا فضلا عن العينية الخارجية . و معنى العينية الذهنية ان المفهوم من احدهما عين المفهوم من الاخر مقابل قول الحكماء من عينية الوجود للماهية خارجا و انه غبرها ذهنا .

قال العلامة الحلى فى شرح التجريد :

اختلفوا فى ان الوجود هو نفس الماهية او زائد عليها , فقال ابوالحسن الاشعرى و ابوالحسين البصرى و جماعة ممن تبعوهما ان وجود كل ماهية نفس تلك  الماهية . انتهى ( المسألة الثالثة من اول المقصد الاول ) . اقول : و لا يخفى عليك  ان العينية اخص من الاشتراك  اللفظى لاحتمال الاشتراك  بان يكون الوجود فى كل ماهية امرا زائدا عليها مختصا بها لانفسها و هذه الفرقة قائلون بالعينية فالاشتراك  اللفظى عند هم ليس على وجه زيادة الوجود على الماهية .

و فى القول الوسيط ان مذهب  الشيخ اباالحسن الاشعرى هو ان وجود كل شىء عينه واجبا كان او ممكنا , جوهرا او عرضا , جزئيا حقيقيا او كليا ذاتيا , او عرضيا انضماميا او انتزاعيا , و ليس زائدا على نفس الذات  و لا جزئها .

صفحه : 41

فليس هيهنا وجود هو غير الماهية , و لا اتصاف  و خلط هو نسبة بينهما فانه ليس بينها فى مرتبة المحكى عنه و المصداق تغاير اصلا كما بين ذات الواجب  و وجوده فالحمل بينها حمل اولى نظرى بناء على اتحاد المصداق كما فى حمل الوجود على الواجب  و وجوده فالحمل بينها حمل اولى نظرى بناء على اتحاد المصداق كما فى حمل الوجود على الواجب  عند الحكماء و ان لم يكن بينها اتحاد بحسب  المفهوم كما فى الانسان انسان , او الانسان حيوان ناطق بتعدد الملاحظة و المعقولية او التعدد الاعتبارى فى المفهوم بحسب  عروض صفتى الاجمال و التفصيل .

و الكلام هيهنا على التعدد فى مرتبة المحكى عنه لا فى مرتبة الحكاية فقط . فعلى هذا لا يتصور الجعل المؤلف  بين الماهية و الوجود , و لا تعلقة بالذات  و لا بالعرض بمرتبة الخلط , و تعين الجعل البسيط و جعل الماهية جعل بسيط متعلق بالذات  بالماهية التى هى شىء واحد يعبر عنه بالماهية من حيث  كونها ذاتا و ما به الشى هو هو , و بالوجود من حيث  كونه منشأ الاثار و مدار الاحكام , و بالتشخص من حيث  كونه مبدا التميز و التعين الواقعى و هو التشخص الحقيقى , و متعلق بالعرض بما ينتزع عنها من مفهوم الذات  و مفهوم الوجود المصدرى و مفهوم الوجود الحقيقى المغائر لها فى مرتبة الحكاية , و غير ذلك  من الامور المنتزعة عن نفسها من حيث هى . انتهى ما اردنا من نقل كلامه .

اقول : نقل ادلة هذه الفرقة فى مذهبهم , ثم الرد عليها , يفيضان الى الاسهاب  , و خلاصة مذهبهم ان الماهيات  بأسرها متخالفة و كذلك  الوجود لانه عينها فى كل مرتبة . و لذا قالوا بالاشتراك  اللفظى حذرا من المشابهة و السنخية بين العلة و معلول .

صفحه : 42

و انت  تعلم ان السنخية كسنخية الشىء و الفيىء من شرائط العلية و المعلولية .

ثم ان ما ذهب  اليه الاشعرى بظاهره سخيف  غاية السخافة و لا يتفوه به من له ادنى شعور فى مسألة التوحيد , و لعل رايه و آراء اتباعه فى المقام ناظر الى ما بينا فيها ثم ثوره الاخرون بما نقلنا عنهم حسب  ما حسبه هؤلاء لا على النحو الذى نحاه اولئك  و لا بعد فى ذلك  و كم له من نظير . فتدبر .

ط - و منها ان البسائط هل تكون مجعولة ام لا ؟

قال الفخر الرازى فى المباحث  المشرقية ( ج 1 , ص 52 , ط 1 ) : المشهور انها غير مجعولة فان السواد لو تعلقت  سواديته بغيره لم يكن السواد سوادا عند فرض عدم ذلك  الغير و هو محال .

ثم اخذ فى النقض و الابرام و الايراد و الاعتراض . و هكذا الكلام فى بيان تعلق الجعل المؤلف  او البسيط بالذاتيات  و المقومات  للطبائع النوعية . و هكذا البحث  عن جعل لوازم الماهية هل هى مجعولة بجعل الذات  , او معلولة للماهية من حيث  هى او من حيث  التقرر و الوجود ؟ و هكذا الكلام فى جعل الصفات  الانتزاعية المتقدمة على التقرر و الوجود . اقول : انت  بما قدمنا من الاصول الرصينة حول الجعل تنبهت  على ما هو الحق المحقق فى هذه الشعب  المنبعثة عن الجعل فلا طائل فى الاطالة . ى - و منها ان الموجود بوجوده الذى هو فيض الله تعالى ربط محض و فقر نورى  الله نور السموات  و الارض  , و الموجودات  بوجوداتها صفحه : 43

مظاهر الله تعالى لا بحدودها و ماهياتها . و تلك  المظاهر ايضا اسمائها بوجه , كما انها مظاهر اسمائه بوجه آخر .

و المظاهر اسماء اسماء كما ان الاسماء اللفظية اسماء اسماء الاسماء التى هى مظاهر لا حد لها اذا نظرت  الى ما يلى ربها كالامواج البحرية فهى محدودة بالنظر الى ما يلينا لا الى ما يلى البحر . فما سواه سبحانه فعله فهى روابط محضة قائمة به عنت  الوجوه للحى القيوم . و الاضافة بينهما اشراقية : و لو تفوهنا بضرب  من التوسع فى التعبير ان المجعول هو وجود الاشياء الفائض عن المبدأ كان المجعول له امران : وجود وحد . لان الصمد الحق ليس الا هو قل هو الله احد الله الصمد , فبالحد يغاير جاعله , و بالوجود ظل من اظلاله قل كل يعمل على شاكلته .

و على هذا المنوال قال المحقق الطوسى فى شرحه على اشارات  الشيخ : اذا صدر عن المبدأ الاول شىء كان لذلك  الشىء هوية مغايرة للاول بالضرورة و مفهوم كونه صادرا عن الاول غير مفهوم كونه ذا هوية فاذن هيهنا امران معقولان : احدهما الامر الصادر عن الاول و هو المسمى بالوجود , و الثانى هو الهوية اللازمة لذلك  الوجود و هو المسمى بالماهية فهى من حيث  الوجود تابعة لذلك  الوجود لان المبدأ الاول لو لم يفعل شيئا لم يكن ماهية اصلا لكن من حيث  العقل يكون الوجود تابعا لها لكونه صفة لها , انتهى . يا - و اعلم ان التعبير عن انتساب  ما سواه اليه سبحانه بالارتباط الفقرى مما قد نطق به الشيخ العارف  العربى فى الفص الادمى من فصوص الحكم حيث  قال : لا شك  ان المحدث  قد ثبت  حدوثه و افتقاره صفحه : 44

الى محدث  احدثه لامكانه بنفسه فوجوده من غيره فهو مرتبط به ارتباط افتقار . و لابد ان يكون المستند اليه واجب  الوجود لذاته غنيا فى وجوده بنفسه غير مفتقر و هو الذى اعطى الوجود بذاته لهذا الحادث  فانتسب  اليه ( ص 83 , ط 1 , من شرح القيصرى عليه ) .

ثم تبعه صاحب  الاسفار فى التعبير عنه بالفقر النورى و الاضافة الاشراقية و نحوهما . و القيد بالاشراقية لاخراج الاضافة المقولية . و الاضافة الاشراقية ناظرة الى النسبة الحقيقية اى الملك  الحقيقى الناطق به كتابه الكريم :

و لله ما فى السموات  و ما فى الارض  ( آل عمران , 192 ) , بخلاف الملك  الاضافى الاعتبارى نحو قولك  الدار لزيد . الا تدبرت  معنى قاله تعالى :  فاطر السموات  و الارض  و نحوها من الايات  الاخرى التى فيها كلمة فطر و مشتقاتها ؟ و الا ترى انه سبحانه قال :  و كان الله بكل شىء محيطا  ( نساء 127 ) و لم يقل : و كان الله على كل شىء محيطا و كذلك الايات  الاخرى التى كانت  صلة الاحاطة فيها كلمة الباء لا على فافهم . خاتمة فى نقل طائفة من كلام اهل التوحيد فى الجعل لعله يفيد زيادة استبصار فى موضوع الرسالة :

1 - قال فى نقد النصوص : و هيهنا بحث  حاصله : ان الماهية الممكنة كما انها محتاجة الى الفاعل فى وجودها الخارجى , كذلك  محتاجة اليه فى وجودها العلمى سواء كان ذلك  الفاعل مختارا او موجبا فالمجعولية بمعنى الاحتياج الى الفاعل من لوازم الماهية الممكنة مطلقا فانها اينما وجدت كانت  متصفة بهذا الاحتياج , و ان فسر المجعولية

صفحه : 45

بانها الاحتياج الى الفاعل فى الوجود الخارجى كان الكلام صحيحا و التقييد تكلفا .

2 - قال القيصرى فى الفصل الثالث  من مقدمات  شرحه على فصوص الحكم : الاعيان من حيث  انها صور علمية لا توصف  بانها مجعولة لانها حينئذ معدومة فى الخارج و المجعول لا يكون الا موجودا كما لا يوصف  الصور العلمية و الخيالية التى فى اذهاننا بانها مجعولة ما لم توجد فى الخارج , و لو كانت  كذلك  لكانت  الممتنعات  ايضا مجعولة لانها صور علمية فالجعل انما يتعلق بها بالنسبة الى الخارج و ليس جعلها الا ايجادها فى الخارج لا ان الماهية جعلت  ماهية فيه , و بهذا المعنى تعلق الجعل بها فى العلم اولى , و حينئذ يرجع النزاع لفظيا اذ لا يمكن ان يقال ان الماهيات  ليست بافاضة مفيض فى العلم و اختراعه و الا يلزم ان لا تكون حادثة بالحدوث الذاتى .

لكنها ليست  مخترعة كاختراع الصور الذهنية التى لنا اذا اردنا اظهار شىء لم يكن ليلزم تأخر الاعيان العلمية عن الحق فى الوجود تأخرا زمانيا بل علمه تعالى ذاته بذاته يستلزم الاعيان من غير تأخرها عنه تعالى فى الوجود فبعين العلم الذاتى يعلم تلك  الاعيان لا بعلم آخر كما توهم من جعل علمه بالعالم عين العقل الاول فافهم .

3 - قال كمال الدين محمد اللارى فى شرح الزوراء :

ما يفهم من كلام العرفاء و الصوفية ان الجعل عندهم قسمان : الاول الجعل المتعلق بالاعيان الثابتة و الماهيات  بذواتها و استعدادتها مجعولة بهذا الجعل عندهم , يعنى به تعلق الجعل بها فى العلم , و به ايضا تتلبس الماهيات  بالثبوت  و الظهور العلمى

صفحه : 46

و الفيض الاقدس فى عرفهم عبارة عن هذا الجعل . و المتعلق بالماهيات باعتبار الثبوت  العينى و المجعول بهذا الجعل عندهم ليس الا الوجود العينى و ما يتبعه لان ذوات  الماهيات  و استعداداتها كانت  مجعولة بالجعل الاول و هذا الجعل هو المسمى بالفيض المقدس .

و لو وقع فى كلامهم ان الماهيات  غير مجعولة ارادوا به الجعل الثانى اعنى الفيض المقدس لا مطلق الجعل اذ قد صرحوا بمجعولية الماهيات بذواتها بالجعل الاول و حينئذ لا تخالف  فى كلاميهما .

4 - قال صدر المتالهين فى الهيات  الاسفار : الاعيان الثابتة ما شمت رائحة الوجود ابدا , و معنى قولهم هذا انها ليست  موجودة من حيث  انفسها , و لا الوجود صفة عارضة لها او قائمة بها , و لا هى عارضة له و لا قائمة به , و لا ايضا مجعولة للوجود معلولة له بل هى ثابتة فى الازل باللاجعل الواقع للوجود الاحدى كما ان الماهية ثابتة فى الممكن بالجعل المتعلق بوجوده لا بماهيته لانها غير مجعولة بالذات  .

5 - و قد افاض امام الموحدين آدم اولياء الله الوصى المرتضى عليه الصلوة و السلام مجيبا بكلامه الكامل لرجل قال له : اين المعبود ؟ فقال عليه السلام : لا يقال له اين لانه اين الاينية , و لا يقال له كيف لانه كيف  الكيفية , و لا يقال له ما هو لانه خلق الماهية  , الحديث  ( باب  نفى الجسم و الصورة و التشبيه من ثانى البحار نقلا عن روضة الواعظين , ص 93 , ج 2 , ط 1 ) .

صفحه : 47

و فى المجلد الاول من البحار نقلا عن علل الشرائع فى سؤالات  الشامى عن اميرالمؤمنين عليه السلام عن اول ما خلق الله تبارك  و تعالى ؟ فقال عليه السلام : النور .

ففى الاول , قال عليه السلام :  انه سبحانه خلق الماهية  , و فى الثانى قال :  اول ما خلق الله النور  .

و فى حرز مولانا الامام الجواد عليه السلام :  و ملا كل شىء نورك   ( ص 36 مهج الدعوات  , ط 1 ) فافهم .

و ان شئت  مزيد ايضاح فى ذلك  فعليك  برسالتنا فى لقاء الله تعالى . و قد حان ان نختم الرسالة هاهنا حامدين لله رب  العالمين و مصلين على عباده الصالحين سيما خاتم النبيين و آله الطاهرين .

صفحه : 48

2 - العمل الضابط فى الرابطى و الرابط

صفحه : 49

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد و الثناء لمن هو الكل فى وحدته .

و الصلوة و السلام على خير خليقته و آله و عترته , و من استقام على سيرته و طريقته .

و بعد فهذه وجيزة عملها العبد الحسن بن عبدالله الطبرى الاملى ( المدعو بحسن زاده آملى ) فى الوجودين الرابط و الرابطى , لعلها تفيد اهل التنقيب  فى المسائل الحكمية , و تجدى ابناء التحقيق عن القضايا العلمية .

و سميتها بالعمل الضابط فى الرابطى و الرابط , منضدة فى اربعة عشر فصلا و خاتمة .

صفحه : 50

فصل 1

الوجود الرابط يطلق فى الحكمة المتعالية على ما سواه سبحانه بمعنى أن المعلول مطلقا بالنسبة الى علته المفيضة رابط بل ربط محض لا استقلال له , فوجود المعلول من حيث  هو وجوده بعينه للعلة الفاعلية التامة أى المعلولات  هى انحاء الوجودات  بالجعل الابداعى البسيطى , فيقال للوجودات المعلولة روابط محضة لا استقلال لها , و اضافتها الى علتها المفيضة اضافة اشراقية قائمة بطرف  واحد عينى هو وجود علتها جل شأنها . و فى قبال هذا الوجود الرابط , الوجود الرابطى بالمعنى الذى ذهب  اليه القوم فى الفلسفة الرائجة من أن وجود المعلول بالنسبة الى علته وجود رابطى يعنى أن للمعلول وجودا مستقلا عن العلة الا أنه منسوب  اليها و لا يصح سلب  هذا الانتساب  عنه اى لا يصح انسلاخ المعلول عن هذا الانتساب  الى العلة .

و يمكن ان يكون كلام المحقق اللاهجى فى بعض تاليفاته أن وجود العرض مفاد كان الناقصة , ناظرا الى هذا الوجه من الوجود الرابطى فتدبر . و الوجود الرابطى بهذا المعنى يأباه فطرة التوحيد فان الكل روابط صرفة لا نفسية لها بالنسبة الى الوجود الصمدى , الا ان يكون مراد القوم من الانتساب  الاضافة الاشراقية بقرينة كلماتهم الاخرى فى الجعل و التوحيد على ما استوفينا البحث  عن ذلك  بالتحقيق و التنقيب

صفحه : 51

فى رسالتنا المعمولة فى الجعل .

و بالجملة أن هذين الوجودين الرابط و الرابطى هما الموجودات  المعلولة مطلقا المعبرة بما سواه سبحانه .

و اطلاق الروابط , أو الروابط المحضة عليها فى المحكمة المتعالية سائرة دائرة جدا , و قد يعبر عنها بالوجود المرتبط ايضا .

فالرابط و الرابطى بهذا المعنى يعمان اعيان جميع ما سواه سبحانه و لا يختصان بالقضايا .

فصل 2

و يطلق الوجود الرابط فى قبال الرابطى بمعنى آخر يختصان بالقضايا و المركبات  التقييدية , و يحتاج الى بيان تفصيلى و هو ما يلى : الوجود تارة يقسم بالوجود المحمولى , و غير المحمولى , و المحمولى على قسمين اما أن يكون ناعتا او غير ناعت  و الناعتى هو الوجود الرابطى , و غير المحمولى ايضا رابطى فى صناعتهم بالاشتراك  اللفظى . و كان الحكماء قبل صاحب  الاسفار و استاذه الميرداماد يطلقون الوجود الرابطى بالاشتراك  اللفظى على كلا القسمين من الوجود المحمولى الناعتى و مقابل المحمولى , و التمييز بينهما كان بحسب  موارد استعمالهما . و صاحب  الاسفار تبعا لاستاذه فى الافق المبين قال فى آخر الفصل التاسع من المنهج الاول من المرحلة الاولى منه :

صفحه : 52

[ ( و كثيرا ما يقع الغلط من اشتراك  اللفظ فلو اصطلح على الوجود الرابطى للوجود المحمولى الناعتى , و على الوجود الرابط لمقابله المستعمل فى مباحث  المواد الثلاث  و بازائهما الوجود المحمولى فى قبال الوجود الرابط , و الوجود فى نفسه فى قبال الوجود الرابطى يقع الصيانة على الغلط](  ( ج 1 , ط 1 , ص 18 ) .

ثم استقر الاصطلاح بعده على ما اشار عليه , فنقول :

الوجود المحمولى - و نسميه الوجود المستقل , و الوجود النفسى أى وجود الشىء فى نفسه - له معنى مستقل اسمى يحمل على موضوعات  القضايا كقولك  : المادة موجودة , و الصورة موجودة , و الجسم موجود , و البياض موجود , و الانسان موجود , و العلم موجود , و الصور الخيالية موجودة , و العقل موجود , و الله سبحانه موجود :

فالوجود المحمولى تارة يتعلق بماهية , و تارة لا يتعلق بها كالا مثلة المذكورة , فان الله تعالى شأنه فرد , و ما سواه زوج تركيبى , فمعنى عدم تعلق الوجود المحمولى به سبحانه أنه وجود بحت  .

فالوجود المحمولى وجود مطلق , و اطلاقه فى قبال الوجود المقيد الاتى بيانه فى الوجود الرابط .

فمفاد الوجود المحمولى مفاد كان التامة المتحقق فى الهليات  البسيطة , أى ثبوت  الشىء فقط كحمل الوجود على الماهية فان الوجود نفس ثبوت الماهية لا ثبوت  شىء للماهية حتى يكون فرع ثبوت  الماهية , فالقاعدة الفرعية غير جارية فى وجود الماهية رأسا , فلا حاجة الى تخصيصها , او تبديل الفرعية بالاستلزام , او التفوه بتقرر الماهية اصالة و اعتبارية الوجود .

صفحه : 53

و يعبر عن الوجود المحمولى فى الفارسية بهست  , نحو الانسان موجود , فيقال بالفارسية : انسان هست  .

و لذلك  يقال فى المنطق : ان القضية التى محمولها الوجود المطلق ثنائية .

ثم بما تقدم فى معنى الوجود الرابط من ان له معنى حرفيا , يعلم ان المعنى الحرفى لا يخبر عنه , اذ لو اخبر عن هذا الوجود لزم الانقلاب  . فاذا نظرنا الى الوجود الرابط بالاستقلال و اخبرنا عنه بقولنا مثلا : الوجود الرابط موجود بالغير , خرج عن كونه وجودا رابطا , بل كان له حينئذ . معنى اسمى فبتصر .

فصل 3

اعلم ان الوجود فى نفسه أى المحمولى له اعتباران : احدهما أن لا يكون نعتا للاخر - اعم من أن لا يصح ان يكون نعتا للاخر رأسا كالجواهر الغير الحالة مثلا , أولا - و ثانى الاعتبارين أن يكون كذلك  . فنقول :

ان هذا الوجود المحمولى الناعتى - اى الاعتبار الثانى - هو احد معنيى الوجود الرابطى فى القضايا الذى كان السائر فى السنة القدماء من الحكماء , و قد استقر اصطلاح المتأخرين منهم بعد صاحب  الاسفار و استاذه على تسميته بهذا الاسم ايضا .

اى اذا قال المتأخرون الوجود الرابطى يعنون به الوجود

صفحه : 54

المحمولى الناعتى .

و ليس معناه الا تحقق الشىء فى نفسه أى انه من الوجود النفسى فليس معناه يباين تحقق الشىء فى نفسه بالذات  , و لكن على أن يكون فى شىء آخر كقيام البياض فى الجسم , أو لشىء آخر كالصورة للمادة و كوجود المعلول للعلة مثل منشئات  النفس لها , أو عند شىء آخر كالصورة الجزئية عند النفس .

فالاعراض كلها و كذلك  الجواهر الحالة لهما وجود محمولى ناعتى , كما أن لكل منهما مفهوما مستقلا اسميا بالتعقل و هو وجود الشىء فى نفسه سواء كان ناعتا أم لا , فانما لحقت  الاضافة الى الغير ذلك  الوجود المحمولى الناعتى بحسب  الواقع خارجا عين ماهية موضوعه فصار ناعتا بالاضافة , فهذا الوجود الرابطى ليس طباعه أن يباين تحقق الشىء فى نفسه بالذات  بل انه احد اعتبارى وجود الشىء فى نفسه لكنه من حيث  اخذ رابطيا فهو المحمول فى الهل المركب  . فافهم .

فصل 4

و اما الوجود الرابطى الذى هو مقابل المحمولى فهو المستعمل فى المواد الثلاث  - أى الوجوب  و الامكان و الامتناع - و يسمى فى اصطلاح المتأخرين بالوجود الرابط كما أن الاول يسمى بالرابطى صونا من الوقوع فى الغلط بالاشتراك  اللفظى كما تقدم فى الفصل الثانى الكلام فيه . و هو - أى هذا الوجود الرابط - ما يقع رابطا فى القضايا صفحه : 55

الحمليه الايجابية التى مفادها كان الناقصة فقط على التفصيل الذى ستسمعه , و فى المركبات  التقييدية الايجابية فقط , لان السلبية سواء كانت  فى القضايا أو فى المركبات  سلب  الربط .

فالموجود الرابط من حيث  انه فى مقابل المحمولى فلا نفسية له اصلا أى ليس له وجود فى نفسه .

و من حيث  انه يقع رابطا فى الحمليات  الايجابية التى مفادها كان الناقصة فهو وراء النسبة الحكمية الاتحادية التى هى تكون فى جميع القضايا موجبة كانت  او سالبة , بسيطة كانت  أم مركبة .

و بعبارة اخرى : الفرق بين النسبة الحكمية و الوجود الرابط , هو أن الاول يوجد فى جملة العقود سواء كانت  بسيطة أو مركبة , موجبة أو سالبة , و أن الثانى لا يوجد الا فى الحمليات  الايجابية أى فى الموجبات  المركبة و فى المركبات  التقييدية الايجابية , و أن النسبة الحكميه ربما توجد بدون الوجود الرابط كالتشكيك  فى النسبة فان التشكيك  فى النسبة لا يمكن الا بعد تصورها , و أما الوجود الرابط فلا يكون الا بعد الحكم . و ربما يصح أن يوجد نسبة غير رابطية كملاحظة معنى الحروف  بدون ضم ضميمة .

اعلم ان اختصاص الوجود الرابط فى الموجبات  من الهليات  المركبة و كونه مغائرا للنسبة الحكمية الاتحادية التى بين الموضوع و المحمول مختار صاحب  الاسفار فى الفصل التاسع من المنهج الاول منه .

و القول الاخر أن الوجود الرابط هو تلك  النسبة الاتحادية التى بين الموضوع و المحمول .

صفحه : 56

فصل 5

بما قدمنا دريت  أن الوجود الرابط له معنى حرفى متحقق فى غيره أى فى قضايا ايجابية محمولها الوجود المقيد كالانسان كاتب  و زيد ضاحك  و عمر و قائم و نحوها , و فى مركبات  تقييدية ايجابية مأخوذة من تلك  القضايا , نحو كتابة الانسان , ضحك  زيد , و قيام عمرو فانا نجد بين اطرافها أمرا نسميه رابطا , لا نجده فى الموضوع وحده , و لا فى المحمول وحده , و لا بين كل واحد منهما و غيره اعنى بين الموضوع و بين غير المحمول , و بين المحمول و غير الموضوع .

فلا محالة أن هناك  موجودا وراء الموضوع و المحمول و ليس موجودا فى نفسه مستقلا منفصلا عن الطرفين , بل هو قائم بهما و ليس بخارج عنهما بل متحقق فيهما و رابط بينهما و غير متميز الذات  عنهما .

و مفاد تلك  القضايا الحاملة للوجود الرابط ثبوت  شىء لشىء . فالمطلق فى القضية الأولى أعنى فى القضية التى محمولها الوجود المطلق على ما تقدم فى الفصل الثانى , هو مقابل المقيد فى القضية الثانية اى الموجبات  من الهليات  المركبة و ذلك  لان فى الاولى وجود الشىء أى وجود الموضوع فقط , و فى الثانية وجود الكتابة للموضوع .

فالوجود فى الثانية مقيد بالكتابة و يعبر عنه فى الفارسية باست  . نحو الانسان كاتب  فيقال فى الفارسية : انسان كاتب  است  . فالمحمول فى هذه القضية هو الكتابة المأخوذة بشرط لا .

و الوجود بهذا المعنى الرابط مفهوم تعلقى لا يمكن تعلقها على صفحه : 57

الاستقلال فهو من المعانى الحرفية , و مفاده مفاد كان الناقصة المتحقق فى الهليات  المركبة فان قولنا الجسم ابيض مثلا فى قوة قولنا : الجسم كان ابيض .

و لذا يعد الافعال الناقصة فى العلوم العقلية من الحروف  فيقال كان حرف وجودى - على التفصيل الذى حررناه فى تعليقاتنا على اللالى المنتظمة للحكيم السبزوارى - فالقضية الاولى ثنائية فيها موضوع و محمول , و الثانية ثلاثية فيها وراء الموضوع و المحمول وجود رابط . قال الحكيم السبزوارى فى اللالى :

كذا الثنائى و الثلاثى مطلبا

هل بسيط و هل قد ركبا

ثم قال فى بيان الشعر : يعنى قضية محمولها الوجود المطلق كالانسان موجود ثنائية لان مفادها ثبوت  الشىء لا وجود رابط فيها كما قررنا فى محله . و قضية محمولها الوجود المقيد كالانسان كاتب  ثلاثية لان مفادها ثبوت  شىء لشىء و فيها وراء الموضوع و المحمول وجود رابط .

و فيها قد يذكر الرابطة , و قد تحذف  فمع أنها ثلاثية تكون ثنائية و ثلاثية بمعنى آخر , و أما البسيطة فلم يكن لها رابطة رأسا , انتهى . اقول : بقى الكلام فى تشكل القضية الثنائية على هذا البيان الذى افاده فى اللالى و شرحه , فانه اذا لم يكن اسناد بين الموضوع و المحمول فكيف يتحقق القضية ؟ و لا يخفى عليك  أن قولنا زيد موجود قضية يصح السكوت عليها فالنسبة بينهما تامة يصح السكوت  عليها , و حصول النسبة التامة يستلزم الوجود الرابط فتدبر , و سيأتى زيادة

صفحه : 58

بيان فى الفصل الثالث  عشر .

فصل 6

قد دريت  فى بيان الوجود المحمولى - فى الفصل الثانى - أنه قابل للحمل على الموضوعات  , فحيث  ان الوجود الرابط مقابل له فلا يكون له نفسية - أى ليس وجودا فى نفسه - فلا يقع محمولا من حيث  هو رابط بين الموضوع و المحمول , فانك  لا تحمل فى الانسان كاتب  مثلا الوجود المطلق على الانسان , بل تحمل الوجود المقيد أى وجود الكتابة المعبر عنه بالكاتب  عليه , فالرابط أى كلمة است  فى الفارسية ان بدل بكلمة هست  فيقال : انسان كاتب  هست  , فهو ايضا بمنزلة أن يقال : انسان كاتب  است  , فلا تغفل بمجرد تبديل لفظ بلفظ آخر .

و العمدة أن تنظر الى حمل الوجود المطلق , و الوجود المقيد . و كذلك  قد علمت  فى بيان الوجود المحمولى أنه تارة يتعلق بماهية , و تارة لا يتعلق بها بمعنى انه حينئذ وجود صرف  , فحيث  ان الوجود الرابط مقابل للمحمولى ليس له وجود فى نفسه , فليس بذى ماهية حتى يتعلق بها و يطرد العدم عنها , لان الماهية من حيث  انها مقولة فى جواب  ما هو مستقلة بالمفهومية , و قد علمت  أن الوجود الرابط غير مستقل بالمفهومية فلا يتعلق بالماهية . فتبصر .

صفحه : 59

فصل 7

فى بيان الوجود فى نفسه و سائر النفسيات  : ان الواجب  تعالى شأنه وجود بنفسه , فهو وجود فى نفسه و لنفسه بطريق أولى , و اما ما سواه سبحانه فكل واحد منها وجوده بغيره أى بالواجب  بذاته , ثم منها ما يكون لها وجود فى نفسه , أو لا يكون لها وجود فى نفسه , و الثانى هو الوجود الرابط .

ثم الاول أى ماله وجود فى نفسه اما أن يكون لنفسه كالجواهر الغير الحالة , أو يكون لغيره كالاعراض مطلقا , و كالجواهر الحالة مثل الصور الحالة فى محالها , و كذا النفوس المنطبعة و نظائرها .

ففى الواجب  نفسيات  ثلاثة أى فى نفسه لنفسه بنفسه , و فى الجواهر الاولان أى فى نفسه لنفسه , و فى العرض الاول فقط أى فى نفسه .

و اذا صار الجواهر ناعتا فله وجود فى نفسه لغيره كالعرض من هذه الحيثية اعنى بها كونه لغيره , و مع ذلك  صادق عليه تعريف  الجوهر بأنه الموجود لا فى موضوع , و لا يصدق عليه تعريف  العرض بأنه الموجود فى موضوع , و ذلك  لان الموضوع اخص من المحل و لهذا جاز أن يكون بعض الجواهر حالا فى غيره و لا يكون ذلك  الغير موضوعا له .

و اما الوجود الرابط فالنفسيات  الثلاثة كلها مسلوبة عنه , و محكوم بكونه وجودا بالغير لانه فى عداد ما سواه سبحانه , لكنه اضعف  مراتب صفحه : 60

الوجود . فالوجود الرابط قسيم للنفسى , و اما الرابطى فقسم منه . فصل 8

اختلفوا فى ان الوجود الرابط , هل هو غير الوجود المحمولى بالنوع أم لا ؟ و بعبارة أخرى : هل الوجود الرابط من سنخ الوجود المحمولى أم لا ؟ . و انت  بما اشرنا اليه فى الفصل السابع من أن الوجود مشترك  معنوى , و الوجود الرابط من اضعف  مراتب  الوجود , تدرى أن الحق كون الوجود الرابط من سنخ الوجود المحمولى فلا يكون اطلاق الوجود عليهما فى مجرد اللفظ , أى لا يكون الاتفاق بين الوجود الرابط و المحمولى فى مجرد الاشتراك  اللفظى بل كلاهما من مراتب  الوجود .

و لكن صاحب  الاسفار فى الفصل التاسع من النهج الاول منه بعد الحكم بتخالفهما سنخا أولا اضرب  عنه بقوله : على أن الحق أن الاتفاق بينهما فى مجرد اللفظ ( ج 1 , ط 1 , ص 17 ) .

و هذا منه - قدس سره الشريف  - عجيب  , كيف  لا و هو البطل الفحل الذى احكم بنيان التوحيد الاسلامى بالموازين القاطعة البرهانية و العرفانية التى هى تفاسير انفسية للايات  القرآنية و الروايات  الايقانية و بين اتم تبيين بان الوجود واحد أحد صمدى و هو الاول و الاخر و الظاهر و الباطن حتى أن وجود الانتزاعيات  و الاضافات  و اعدام الملكات  و النسب  و ما هى مضاهية لها من سنخ الوجود .

على ان الفصل الثانى من المنهج الاول من الاسفار فى أن

صفحه : 61

مفهوم الوجود مشترك  محمول على ما تحته حمل التشكيك  لا حمل التواطؤ . و لذا أفاد فى بيان مراده استاذنا علم العلم و آية التقوى جامع المعقول و المنقول آية الله الحاج الشيخ محمد تقى الاملى رضوان الله تعالى عليه , بقوله الشريف  فى درر الفوائد : لعل المراد به انه لما كان بين الوجود الرابط و الوجود المحمولى غاية التباعد كاد أن يكونا كالمشترك  اللفظى لا أنها كذلك  حقيقة , ( درر الفوائد فى غرر الفرائد ص 115 , ط 1 ) . فصل 9

قد عرفت  فى الفصول السالفة سيما السابع منها أن الوجود الرابطى ليس قسيما للنفسى بل هو قسم منه , فما قال الحكيم السبزوارى فى غرر الفرائد :

ان الوجود رابط و رابطى

ثمة نفسى فهاك  و اضبط

حيث  جعل الرابطى قسيما للنفسى , ليس بصحيح .

نعم انه فى الشرح فى بيان الاقسام أحسن و اجاد , و لكن غرضنا عدم تمامية الشعر فى افادة المراد لا الشرح . و كان الصواب  أن يقول مثلا : ان الوجود قد يكون رابطا

مقابل النفسى خذه ضابطا

و ما هو النفسى منه الرابطى

أما بيانه فهاك  و اضبط

لانه فى نفسه الخ .

او يقول :

صفحه : 62

ان الوجود رابط و رابطى

هذا من النفسى دون الرابط

او يقول :

ان الوجود رابط و رابطى

و الثانى النفسى دون الرابط

او على وجوه أخرى .

و ان قيل : ان قوله[ : ( ثمة نفسى](  ناظر الى ( وجود فى نفسه ) فى قبال الوجود الرابطى على ما اصطلح عليه صاحب  الاسفار تبعا لاستاذه كما تقدم فى الفصل الثانى , كان غير تمام ايضا كما لا يخفى فتدبر . فصل 10

تقدم فى الفصل الخامس ان الوجود الرابط يتحقق فى الموجبات  من الهليات  المركبة , و فى المركبات  التقييدية الايجابية فاعلم أن ظرف الوجود الرابط تابع لقضيته فان كانت  خارجية فوعاء تحققه الخارج , و ان كانت  ذهبية فوعائه الذهن .

و على وزانه الكلام فى المركبات  التقييدية الايجابية . فصل 11

عليك  أن تميز بين العروض و الاتصاف  فى القضايا , أى عروض المحمول للموضوع و اتصاف  الموضوع به فانه قد يكون المحمول له وجود محمولى ناعتى كقولك  الجسم ابيض , أو البياض موجود فى الجسم فان

صفحه : 63

البياض متحقق فى نفسه محمول للهل البسيط و ان كان فى الجسم , بخلاف الاربعة زوج فان الزوجية منتزعة من حاق ذات  الموضوع , و كذلك  سائر الاضافات  المحضة و النسب  الصرفة فانها لا يمكن أن تؤخذ مستقلا و أن يكون لها معنى اسمى , فهل كان ثبوت  الزوجية للاربعة مثلا رابطيا أم رابطا ؟ ففى آخر الفصل الاول من المنهج الثانى من الاسفار أن ثبوتها لها رابطى ( ص 20 , ط 1 , ج 1 ) فتدبر .

فصل 12

قد دريت  ان الوجود الرابط متحقق فى الموجبات  من الهليات  المركبة , و فى المركبات  التقييدية الايجابية , و تقدم فى الفصل الخامس ان الوجود الرابط غير متميز الذات  عن الطرفين بل متحقق فيهما و رابط بينهما , فادر ايضا أن الوجود الرابط له وحدة شخصية تقتضى نحوا من الاتحاد بين الطرفين سواء كان بينهما حمل كالموجبات  من الهليات  المركبة , او لم يكن كالمركبات  التقييدية .

فصل 13

لما كان الوجود الرابط متحققا فى الموجبات  من الهليات  المركبة التى مفادها مفاد كان الناقصة , فالقضايا التى مفادها كان التامة اى قضايا الهليات  البسيطة مطلقا كقولنا : الانسان موجود , و كذا القضايا التى مشتملة على الحمل الاولى كقولنا : الانسان انسان , عارية عن الوجود الرابط اذ لا معنى لتحقق النسبة الرابطة بين الشىء و نفسه .

فعليك  فى مطلب  هذا الفصل و مطالب  سائر الفصول فى هذه صفحه : 64

الرسالة باعمال النظر التام فى الفرق بين المباحث  العقلية الكاشفة عن حقائق الاشياء و بين ما يقوله النحوى مثلا فى نحو قضية الانسان موجود بان الانسان مبتداء و موجود خبر له مشتق فيه ضمير رابط , فان النحوى و اترابه يبحث  عن ظواهر الالفاظ , فالكثرة الظاهرية لا تحجبك  عن الوحدة الواقعية , فافهم الا سمعت  قول القائل :

نهفته معنى نازك  بسى است  در خط يار

تو فهم آن نكنى اى اديب  من دانم

و تقدم الكلام فى تشكل القضية الثنائية فى الفصل الخامس فتذكر و تدبر . فصل 14

قد مر مرارا ان الوجود الرابط متحقق فى القضايا الموجبة من الهليات المركبة , و لكن القوم اختلفوا فى ان الوجود الرابط هل يتحقق فى جملة العقود اى فى جميع القضايا من الايجابية و السلبية و الهليات  المركبة و البسيطة , ام يختص بالموجبات  من الهليات  المركبة و لا يتحقق فى القضايا السلبية مطلقا سواء كانت  السلبية من الهليات  المركبة او البسيطة , و كذلك  لا يتحقق فى القضايا الموجبة من الهليات  البسيطة , وجهان ؟ .

و التحقيق يوجب  اختيار الوجه الثانى و ذلك  لان فى السوالب  مطلقا سلب الربط لا ربط السلب  بمعنى ان السلب  وارد على الموجبة المتشكلة من موضوع و محمول و نسبة ثبوتية متكيفة بكيفية من المواد الثلاث

صفحه : 65

الايجاب  او الامكان او الامتناع , ثم يرد السلب  عليها فيسلب  النسبة الايجابية اى فيسلب  الربط اى ربط المحمول عن الموضوع , و ان شئت  قلت يسلب  الربط الذى كان بينهما عنهما , لا انه يورد عليهما ربطا سلبيا , فالسالبة تسلب  الربط لا انها تربط السلب  و لذا قالوا ان السوالب  لسلب الربط , لا لربط السلب  .

و اما القضايا الموجبة التى من الهليات  البسيطة فبما دريت  فى الفصل الثالث  عشر .

و غرضنا الاهم فى هذا الفصل ان السوالب  سواء كانت  نحو الانسان ليس بحجر , او نحو زيد ليس بقائم , و كذلك  فى المركبات  التقييدية السلبية , فلا وجود رابط فيها .

و فى حكم السوالب  القضايا التى احد طرفيها او كلا طرفيها عدم و معدوم او الفاظ اخرى بمعناها كالجاهل و الفقير و الممتنع و اشباهها , فالحق فيها ان الوجود الرابط لا يتحقق فيها لا وجودا و لا عدما . ففى نحو شريك  البارى معدوم , و زيد معدوم و عمر و جاهل لا يكون فيها الوجود الرابط , كما لا يكون فيها العدم الرابط ايضا فان العدم لا شيئية له فلا يتحقق منه رابط قط .

على انك  قد عرفت  فى الفصل الثانى عشر ان الوجود الرابط له وحدة شخصية تقتضى نحو امن الاتحاد بين الطرفين فالوجود الرابط كان قيامه بالطرفين فلو قلنا ان العدم يصير رابطا لزم قيام العدم بعدمين ان كان طرفا القضية عدمين نحو شريك  البارى معدوم , او بوجود و عدم نحو زيد معدوم , و لا معنى لذلك  . و اما قول النحوى فنحو ما

صفحه : 66

تقدم .

و لكن صاحب  الاسفار بعد البحث  عن الوجود الرابط و الرابطى فى الفصل المسبوق ذكره قال : و هذه الاقسام متأتية فى العدم على وزان ما قيل فى الوجود ( ج 1 , ط 1 , ص 18 ) .

مع ان العدم و السلب  فى الحكم سواء . و هل يمكن ان يقال ان نظره الشريف  بأن الوجود المحمولى فى نحو زيد جاهل , و عمرو فقير , و بكر معدوم , و شريك  البارى ممتنع , و ان كان ليس بمتحقق لكنا نحمل هذا المعدوم مطلقا اعنى اى نحو من العدم على الموضوع كما نقول فى الفارسية : زيد نادان است  , عمر نادار است  , و بكر نابود است  و على هذا القياس حتى يكون الموضوع فى الذهن متصفا فى الخارج بذلك  العدم فالوجود الرابط متحقق بهذا الوجه ؟ ففيه ينبغى التأمل التام .

نعم قد علمت  ان الوجود فى الهليات  البسيطة مطلق كقولنا الانسان موجود مثلا و هو تحقق الشىء و يقابله عدم مثله كقولك  الانسان معدوم , و انه فى الهليات  المركبة مقيد كقولنا الانسان كاتب  و هو تحقق الشىء للشىء و يقابله ايضا عدم مثله كقولك  الانسان معدوم عنه الكتابة , فالاول هو العدم المطلق كما ان مقابله كان الوجود المطلق , و الثانى هو العدم المقيد كما ان مقابله كان كذلك  .

و هذا هو المسألة الرابعة عشرة من كشف  المراد حيث  قال : المسألة الرابعة عشرة فى الوجود المطلق و الخاص , الوجود قد يؤخذ على الاطلاق فيقابله عدم مثله , و قد يؤخذ مقيدا فيقابله مثله ( ص 39 بتصحيح الراقم و تحشيته عليه ) و ان شئت  فراجع الى الشوارق ( جلد 1

صفحه : 67

صفحهء 58 ) فقوله قدس سره : و هذه الاقسام متأتية الخ , الى هذا المقدار من التأتى فلا كلام فيه , و انما الكلام فى تحقق الوجود الرابط بل الرابطى فيها فتدبر .

خاتمة

الفصل التاسع من المنهج الاول من المرحلة الاولى من اسفار صدر المتألهين - قدس سره القدوسى - فى البحث  عن الوجود الرابط و الرابطى . و هو لا ند ماجه يحتاج الى تفصيل و ايضاح , و ما اهديناها فى فصول هذه الرسالة وافية فى بيانه و لكن روما للتسهيل و مزيدا للاستبصار نشير الى تفسير مراده و تحليل عباراته باختصار جاعلا حرف[  ( م](  علامة المتن , و حرف[  ( ش](  علامة الشرح و لما كانت  عبارات  الاسفار المطبوعة مغلوطة صححناها بعرضها على عدة نسخ مخطوطة عندنا , و هذا الامر اوجب  نقل ذلك الفصل من الاسفار بتمامه فمجموع المتن الصحيح و شرحنا عليه كما يلى : م - فصل فى اطلاق الوجود الرابطى .

ش - هذا الفصل فى آخر المنهج الاول توطئة و تمهيد للايتان بالمنهج الثانى الذى بعده فى اصول الكيفيات  و عناصر العقود و خواص كل منها . ثم الوجود الرابطى ينحل الى الوجود الرابط , و الوجود الرابطى كما يأتى بيانه .

م - الوجود الرابطى فى صناعاتهم يكون على معنيين : احدهما صفحه : 68

ما يقابل الوجود المحمولى و هو وجود الشىء فى نفسه .

ش - الوجود الرابطى الذى فى مقابل الوجود المحمولى هو الوجود الرابط فى اصطلاح المتأخرين بعد صاحب  الاسفار و استاذه الميرداماد . و ضمير هو فى قوله[ : ( و هو وجود الشىء فى نفسه](  راجع الى الوجود المحمولى . فالوجود المحمولى هو وجود الشىء فى نفسه , و هو مفاد كان التامة المتحقق فى الهليات  البسيطة كقولك  : المادة موجودة و الصورة موجودة على ما حررناه فى الفصل الثانى من الرسالة .

م - المستعمل فى مباحث  المواد الثلاث  , و هو يقع رابطة فى الحمليات الايجابية وراء النسبة الحكمية الاتحادية التى هى تكون فى جملة العقود . ش - المستعمل صفة لقوله ما يقابل , فان كلمة ما موصولة . و المواد الثلاث  هى الوجوب  و الامكان و الامتناع . و الفصل الاتى فى البحث  عن تلك المواد , و قد دريت  ان هذا الفصل تمهيد له .

و ضمير هو راجع الى المستعمل , أو الى ما الموصولة , و لا فرق فيهما فانهما واحد . و الرابطى على هذا المعنى هو الرابط فى اصطلاح المتأخرين و هو المقابل للوجود المحمولى الذى هو وجود الشىء فى نفسه , فالرابط لا نفسية له و يقع رابطة فى الموجبات  من الهليات  المركبة فمفاده كان الناقصة .

و هذا الرابط وراء النسبة الحكمية الاتحادية لان هذه النسبة واقعة فى جملة العقود اى جميع القضايا موجبة كانت  او سالبة , بسيطة كانت  او مركبة , بخلاف  الوجود الرابط فانه متحقق فى الموجبات  من صفحه : 69

الهليات  المركبة فقط , لان فى السوالب  مطلقا سلب  الربط لا ربط السلب كما تقدم فى الفصل الرابع عشر من الرسالة .

قال بهمنيار فى التحصيل : ان الايجاب  موضوع و محمول و نسبة بينهما , و السلب  موضوع و محمول و نسبة بينهما و رفعها .

و اما القضايا الموجبة من الهليات  البسيطة فبما تقدم فى الفصل الثالث عشر من الرسالة و اما ان الوجود الرابط وراء النسبة الحكمية الاتحادية فكما تقدم فى الفصل الرابع من الرسالة .

قوله[ : ( و هو ما يقع رابطة فى الحمليات  الايجابية](  اى هى النسبة الثبوتية الخبرية التامة , و سيجيىء قوله بان الوجود الرابط متحقق فى الموجبات  من المركبات  التقييدية الناقصة ايضا . و العقود بمعنى القضايا قال الحكيم السبزوارى فى اللالى ( ص 45 ) :

و العقد و القضية ترادفا

اذ ارتباطا و اعتقادا صادفا

م - و قد اختلفوا فى كونه غير الوجود المحمولى بالنوع أم لا , ثم تحققه فى الهليات  البسيطة أم لا . و الحق هو الاول فى الاول , و الثانى فى الثانى .

ش - قوله تحققه بكسره مجرور معطوف  على كونه , أى ثم اختلفوا فى تحققه الخ . يعنى انهم اختلفوا حول الوجود الرابط فى امرين : أحدهما هل هو غير الوجود المحمولى بالنوع او هو من سنخ الوجود المحمولى ؟

و ثانى الامرين هل الوجود الرابط متحقق فى الهليات  البسيطة أم لا ؟ و الحق فى الامر الاول هو اول الشقين اى انه غير الوجود المحمولى , و فى الامر الثانى هو ثانى الشقين اى انه لا يتحقق فى

صفحه : 70

الهليات  البسيطة نحو الانسان موجود .

م - و الاتفاق النوعى فى طبيعة الوجود مطلقا عندنا لاينا فى التخالف النوعى فى معانيها الذاتية و مفهوماتها الانتزاعية كما سيتضح لك  مزيد ايضاح .

ش - جواب  عن سؤال مقدر . و هو أن يقال : اذا كان الحق فى الامر الاول من الاختلاف  ان الوجود الرابط غير الوجود المحمولى فهو ينافى ما تقدم فى الفصل الثانى من الاسفار من أن الوجود حقيقة فاردة ذات  مراتب  بالتشكيك فعلى هذا يجب  ان يكون الوجود الرابط من سنخ الوجود المحمولى و كونها متفقين بالنوع فى طبيعة الوجود و ان كان من اضعف  مراتب  الوجود . فاجاب  بأن الاتفاق النوعى الخ .

و للمتاله الملا على النورى رضوان الله تعالى عليه - تعليقة فى المقام فى بعض نسخنا الخطية هكذا : قوله و الاتفاق النوعى اه , اشارة الى انهما واحد بحسب  السنخ و الحقيقة , و مختلف  باعتباران الوجود المحمولى خارج عن المقولات  راسا بالذات  , و ما يقابله هو احدى المقولات  العشر اعنى مقولة الاضافة و هى من المعقولات  الثانية و المعقولات  لها نحو تحقق ضعيف و بحسبه تكون من سنخ حقيقة الوجود المحمولى تأمل فانه دقيق لطيف  . انتهى .

اقول : الاضافة و ان كانت  من المعقولات  الثانية و لها نحو تحقق ذهنى ضعيف  , و لكن ظرف  الوجود الرابط تابع لقضيته - كما مر فى الفصل العاشر من الرسالة - ان ذهنية فذهنى , و ان خارجية فخارجى فان الوجود الرابط وراء عروض الاضافة له و ان كان له معنى

صفحه : 71

حرفى لا نفسية له بمعنى أن ليس له وجود فى نفسه و لكنه وجود ضعيف  فى وعائه كما نص صاحب  الاسفار فى الفصل السادس من المنهج الاتى و يأتى نقل كلامه عن قريب  .

فلنرجع الى شرح الفصل : و اما قوله[ : ( كما سيتضح لك  مزيد ايضاح]( فسيأتى مطالب  عند مسائل هذا الفصل فى عدة مواضع من الكتاب  , منها فى الفصل السادس من المنهج الاتى حيث  قال :

تصالح اتفاقى , ان ما اشتهر من الحكماء المشائين اتباع المعلم الاول من الحكم بوجود هذه المعانى العامة كالوجوب  و الا ملكان و العلية و التقدم و نظائرها , و انهم يخالفون الاقدمين من حكماء الرواق حيث  قالوا بأن نحو وجود هذه المعانى انما هو بملاحظة العقل و اعتباره , فمنشأ ذلك  ما حققناه و فى التحقيق و عند التفتيش لا تخالف  بين الرأيين و لا مناقضة بين القولين فان وجودها فى الخارج عبارة عن اتصاف  الموجودات  العينية بها بحسب  الاعيان و قد دريت  ان الوجود الرابط فى الهلية المركبة الخارجية لا ينافى الامتناع الخارجى للمحمول ( ج 1 , ص 32 , ط 1 و ص 139 - 141 , ج 1 . ط 2 ) و كذلك  مواضع اخرى من ذلك  الفصل تعلم بالتفتيش . اقول : قوله[ ( فان وجودها فى الخارج عبارة عن اتصاف  الموجودات العينية بحسب  الاعيان](  نص صريح فى تحقق الوجود الرابط فى ظرفه الخارجى فهو تابع فى تحققه لوعائه ذهنا او خارجا , لا ان الوجود الرابط من حيث  هو وجود رابط متحقق فى وعائه الذهنى فقط كما هو الظاهر من كلام المتأله النورى المنقول آنفا .

و من تلك  المواضع الفصل الاول من المرحلة الثانية فى تحقيق صفحه : 72

الوجود بالمعنى الرابط .

و منها الفصل التاسع من المرحلة الثانية ايضا فى ان العدم ليس رابطيا .

م - على ان الحق ان الاتفاق بينهما فى مجرد اللفظ .

ش - اى الاتفاق بين الوجودين الرابط و المحمولى فى مجرد الاشتراك اللفظى . و قد تقدم التحقيق فى بيان مراده من هذه العبارة فى الفصل الثامن من الرسالة فراجع .

م - و الثانى ما هو احد اعتبارى وجود الشىء الذى هو من المعانى الناعتية ( الناعتة - خ ) و ليس معناه الا تحقق الشىء فى نفسه و لكن على أن يكون فى شىء آخر اوله او عنده .

ش - اى الثانى من اطلاق الوجود الرابطى فى صناعاتهم ما هو احد الخ . و قوله[ : ( الذى هو من المعانى الناعتية](  صفة لقوله احد . فان الشىء المحمولى اى وجود الشىء فى نفسه له اعتباران احدهما ان لا يكون ناعتا و الثانى ان يكون كذلك  .

و الرابطى بهذا المعنى الثانى هو وجود الشىء فى نفسه و لكن ان يصير ناعتا بالفعل اى ان يكون فى شىء آخر اوله او عنده على التفصيل الذى تقدم فى الفصل الثالث  من الرسالة . و قد عرفت  ان الوجود الجواهر و كذا وجود الاعراض وجود محمولى و الاعراض كلها ناعتية , و اما الجواهر فما هى حالة تصير ناعتة لاكلها . ثم الرابطى هذا هو ايضا الرابطى فى اصطلاح المتأخرين .

م - لا بان يكون لذاته كما فى الوجود القيوم بذاته فقط فى فلسفتنا , و جملة المفارقات  الابداعية فى الفلسفة المشهورة , فان وجود صفحه : 73

المعلول من حيث  هو وجود المعلول هو وجوده بعينه للعلة الفاعلية التامة عندنا و عندهم , لكنا نقول بأن لا جهة اخرى للمعلول غير كونه مرتبطا الى جاعله التام , يكون بتلك  الجهة موجودا لنفسه لا لجاعله حتى يتغاير الوجودان و يختلف  النسبتان , و هم لا يقولون به , اذ المعلول عندنا هو انحاء الوجودات  بالجعل الابداعى , و عندهم اما نفس الماهيات  كما فى طريقة الرواقيين , او اتصافها بوجوداتها كما فى قاعدة المشائين . ش - قوله[ : ( كما فى الوجود القيوم بذاته](  قيد للمنفى . و المراد ان الوجود فى نفسه يصير ناعتا بأن يكون فى شىء آخر اوله او عنده لا بأن يكون ذلك  الشىء لذاته فانه اذا كانه لذاته فهو الوجود القيوم سبحانه فكان وجود ما سواه من حيث  هو وجود المعلول هو وجوده بعينه للعلة الفاعلية التامة فالمعلول لا جهة اخرى له غير كونه مرتبطا بل ربطا محضا الى جاعله التام فحيث  لا يكون للمعلول جهة اخرى غير الربط لا يكون موجودا لنفسه لا لجاعله حتى يتغاير الوجود ان و يختلف  النسبتان فبالجملة لا يكون موجود فى نفسه وجودا ناعتا للوجود القيوم كما يكون ناعتا لاخر مثل ان الاعراض ناعتة من حيث  انها فى شىء آخر كقيام البياض فى الجسم , او الجوهر الحال يصير ناعتا كالصورة للمادة , و كمنشئات النفس من الصور الجزئية و غيرها عندها فان الوجودين فيها متغائران , و اما وجود ما سواه سبحانه روابط و شئون محضة , فيجب  الفرق بين هذه الروابط و الوجودين الرابط و الرابطى , فلا يصح ان يكون وجود المعلول بالنسبة الى وجود علته التامة وجودا رابطيا بل ربط محض او يقال رابط لا بذالك  المعنى

صفحه : 74

المتعارف  فى القضايا المعنون فى المباحث  المنطقية .

و بعبارة اخرى ان الوجود الرابطى لا يتحقق فى وجود المعلولات  بالنسبة الى علته التامة المفيضة فان الوجود الرابطى له استقلال اى انه موجود فى نفسه و ما سواه ربط محض لا استقلال له , لا ان المعلول وجود رابطى مستقل عن العلة الا انه منسوب  اليها لا يمكن انسلاخ انتسابه اليها عنه كما ذهب اليه القوم .

ثم ان الوجود الرابط بمعنيين احدهما بحث  عميق حكمى مبرهن فى الحكمة المتعالية من ان الوجودات  المعلولة هى الرابطة بعلتها القيوم بذاته و الربط من جانب  واحد و هو جانب  المعلول فقط بالاضافة الاشراقية , و اما الوجود الرابط فى مقابل الوجود المحمولى الرابطى فمتحقق فى القضايا فهو كسائر النسب  و الاضافات  المقولية يتحقق بالطرفين فيبحث  عنه فى علم الميزان مثلا فتبصر .

فبما حررنا دريت  ان كل واحد من الوجود الرابط و الرابطى له معنيان : احدهما ان ما سواه سبحانه رابط بل ربط محض بالنسبة اليه و الرابط بهذا المعنى هو فى قبال الرابطى على ممشى القوم من ان المعلول له وجود رابطى مستقل منسوب  اليه سبحانه , و الرابط و الرابطى بهذا المعنى هما المذكوران فى الفصل الاول من الرسالة .

و ثانيهما ان الرابط فى قبال الوجود الرابطى , اى الرابط الذى مستعمل فى مباحث  المواد الثلاث  , و الرابطى الذى هو الوجود المحمولى الناعتى فتبصر .

و كان الصواب  انه قدس سره ان يبحث  عن الرابط و الرابطى بالمعنى الاول بعد البحث  عنهما بالمعنى الثانى معنونا بعنوان

صفحه : 75

تذنيب  او تتمة او تبصرة او فصل او نحوها , او يبحث  عنهما بالمعنى الاول قبل البحث  عنهما بالمعنى الثانى بعنوان خاص ايضا كما فعلنا فى الرسالة كذلك  , لا ان يضمن الرابط و الرابطى بالمعنى الاول فى اثناء البحث  عنهما بالمعنى الثانى حيث  اوجب  اندماج المطالب  و اختلاطها . فحصل البحث  عن الوجود الرابط و الرابطى على اربعة اقسام : 1 - الوجود الرابط بمعنى الاضافة الاشراقية فى الحكمة المتعالية من ان وجود المعلول هو وجوده بعينه لعلته الفاعلية التامة .

2 - الوجود الرابطى على ما ذهب  اليه اهل الفلسفة الرائجة من ان المعلول له وجود رابطى مستقل الا انه منسوب  الى علته .

3 - الوجود الرابط المستعمل فى القضايا الموجبة من الهليات  المركبة . 4 - الوجود الرابطى الذى هو وجود محمولى ناعتى و هو ايضا متحقق فى الهليات  المركبة .

الاول فى مقابل الثانى , و الثالث  فى مقابل الرابع , و الثالث  و الرابع هما الوجود الرابط بالمعنى الاول ايضا , اى ان الوجود الرابط بالمعنى الاول صادق عليهما , فافهم .

قوله[ : ( اذ المعلول عندنا هو انحاء الوجودات  بالجعل الابداعى , كلام بعيد الغور جدا . و الجعل الابداعى اى البسيطى يعم المبدعات  و المخترعات  و المكونات  لان الوجود الصمدى بحكم كل يوم هو فى شان يأتى بخلق جديد و شأن جديد من الحركة الحبية المقتضية لتجدد الامثال و الحركة فى الجوهر فافهم . فما سواه

صفحه : 76

شئونه الذاتية بالوجود الرابط بالاضافة الاشراقية اى القسم الاول من الاقسام الاربعة .

و قوله[ : ( و عندهم اما نفس الماهيات  الخ](  اذا كان المعول على ظاهر ما اسند الى الرواقيين و المشائين فالمعلول هو الوجود الرابطى بمعناه المستقل المنسوب  الى علته اى القسم الثانى من الاقسام الاربعة . و قد علمت  فى الفصل الاول من الرسالة ان الوجود الرابطى بهذا المعنى يأباه فطرة التوحيد .

م - فاذن هذا الوجود الرابطى ليس طباعه أن يباين تحقق الشىء فى نفسه بالذات  بل انه احد اعتباراته التى عليها كان .

ش - يعنى بهذا الوجود الرابطى المعنى الثانى فى الكتاب  اى الوجود المحمولى الناعتى حيث  قال : و الثانى ما هو احد اعتبارى وجود الشىء الخ .

ليس طباعه فى ذاته ان يباين تحقق الشىء فى نفسه بالذات  بل كما قال آنفا : و ليس معناه الا تحقق الشىء فى نفسه . و انما قال هيهنا بل انه احد اعتباراته التى عليها كان بصيغة الجمع , و قال ثمة : هو احد اعتبارى وجود الشىء بالتثنية ؟

فاما ان الجمع بمعناه المنطقى فيشمل التثنية , و إما ان للشىء اعتبارات  فقد لاحظ تارة اثنين منها فهما كونه ناعتا و غير ناعت  , و قد لاحظ تارة كثيرا منها و من آحاد تلك  الكثرة كونه وجودا فى نفسه ناعتا فقال : بل انه احد اعتبارات  الشى التى كان ذلك  الشى عليها و لا ضير فى ذلك  و لكن لا يخفى عليك  ان البحث  عن هذا الوجود الرابطى يقتضى اعتبارين للشى الذى له وجود فى نفسه احدهما ان يكون غير

صفحه : 77

ناعت  , و الاخر ان يكون ناعتا فالصواب  ان يعبر بصيغة التثنية فى كلا الموضعين و لا يخفى عليك  انه كلما كان سياق البحث  على نسق واحد من التعبير كان انسب  لتفهيم المعانى , و اختلاف  التعبير بدون غرض خاص يوجبه , يوجب  تشويش البال للمتعلم .

م - و اما الوجود الرابطى الذى هو احد الرابطيين فى الهلية المركبة فنفس مفهومه يباين وجود الشىء فى نفسه .

ش - يعنى بذلك  الوجود الرابطى بالمعنى الاول فى الكتاب  اى للوجود الرابط المستعمل فى المواد الثلاث  المتقابل للوجود المحمولى . و قد تقدم البحث  التفصيلى عنه فى الفصول الرابعة و الخامسة و السادسة من الرسالة .

م - و فى قولنا : البياض موجود فى الجسم اعتباران اعتبار تحقق البياض فى نفسه و ان كان فى الجسم و هو بذلك  الاعتبار محمولى للهل البسيط , و الاخر انه هو بعينه فى الجسم و هذا مفهوم آخر غير تحقق البياض فى نفسه و ان كان هو بعينه تحقق البياض فى نفسه ملحوظا بهذه الحيثية , و انما يصح ان يكون محمولا فى الهل المركب  و مفاده ( فى الهل المركبة لان مفاده - خ ) انه حقيقة ناعتية ليس وجودها فى نفسها لنفسها بل للجسم . ثم وجود الشىء الناعتى بعدما ان يؤخذ على هذه الجهة يلحظ على نحوين : تارة ينسب  الى ذلك  الشىء فيكون من احواله , و تارة الى المنعوت  فيقال الجسم موجود له البياض فيكون بهذا الاعتبار من حالات  المنعوت  . ش - فى كلامه هذا ناظر الى الوجود الرابطى و كأنه تمثيل صفحه : 78

لبيان امرين حول الوجود الرابطى و كان الصواب  ان يأتى به قبل قوله : [( و اما الوجود الرابطى الذى هو احد الرابطيين]( . . .  . و الامران احدهما انا اذا قلنا : البياض موجود فى الجسم فتارة يعتبر تحقق البياض فى نفسه فللبياض وجود محمولى اى محمول للهل البسيط و ان كان فى الجسم , و على هذا الاعتبار قولنا فى الجسم فضلة فى الكلام و الخبر موجود . و تارة يعتبر كونه حقيقة ناعتية فهو محمول فى الهل المركب  فعلى هذا الاعتبار اذا قلنا البياض موجود فى الجسم كان مجموع المتعلق و المتعلق اى مجموع موجود فى الجسم خبر للبياض , لان مفاده انه حقيقة ناعتيه ليس وجودها فى نفسها لنفسها كالاعتبار الاول بل للجسم . فقوله[ : ( لان مفاده الخ](  وجهه ظاهر , اما على نسخة اخرى[ : ( و مفاده](  فالواو حالية . و الامر الثانى ان وجود هذا الشىء الناعتى , اى العرض الذى له وجود فى نفسه و كذا الجوهر الحال , اذا كان اخذ على هذه الجهة اى ملحوظا بهذه الحيثية الناعتية فتارة ينسب  وجود الشىء الى ذلك  الشىء من الجوهر الحال و العرض فيكون من احوال ذلك  الشىء و هو تحققه فى نفسه , و تارة الى المنعوت  فيقال مثلا الجسم موجود له البياض فيكون بهذا الاعتبار من حالات  المنعوت  .

و الفرق بين الامرين ان الامر الاول ناظر الى بيان كون المحمول الذى له وجود نفسى يقع ناعتا , و فى الثانى أن الوجود المحمولى بعدما اخذ على هذه الجهة الناعتية يلحظ على نحوين يعنى أن البياض مثلا اذا كان ملحوظا بهذه الحيثية الناعتية يكون غير تحقق

صفحه : 79

البياض فى نفسه و ان كان عينه فالتفاوت  بينهما بالاعتبار فتدبر . م - و على قياس ما تلونا عليك  يقع لفظ الوجود فى نفسه ايضا بالاشتراك العرفى على معنيين : احدهما بازاء الوجود الرابطى بالمعنى الاول و يعم ما لذاته و هو الوجود فى نفسه و لنفسه و ما لغيره كوجود الاعراض و الصور و هو الوجود فى نفسه لا لنفسه , و الاخر بازاء الرابطى بالمعنى الاخير و هو ما يختص بوجود الشىء لنفسه و لا يكون للنواعت  و الاوصاف  . ش - الاشتراك  العرفى هو الاشتراك  المتعارف  فى الكتب  الادبية و غيرها يعبر عنه بالاشتراك  اللفظى , و هو فى مقابل الاشتراك  المعنوى . يعنى ان لفظ الوجود كما يؤخذ مجردا من حد فى نفسه فيكون مشتركا محمولا على ما تحته حمل التشكيك  كما تقدم فى الفصل الثانى من المنهج الاول , كذلك  يؤخذ مع حد فى نفسه , فنقول : ان لفظ الوجود فى نفسه يقع بالاشتراك  اللفظى على معنيين احدهما بازاء الوجود الرابطى بالمعنى الاول فى الكتاب  اى الوجود الرابط المستعمل فى المواد الثلاث  المقابل لوجود فى نفسه .

فالوجود فى نفسه الذى مقابل الوجود الرابط يعم ما لذاته و هو الوجود فى نفسه و لنفسه , و ما لغيره كوجود الاعراض و الصور اى الجواهر الحالة و هو الوجود فى نفسه لا لنفسه . و الاخر من المعنيين ان الوجود فى نفسه يقع بازاء الرابطى بالمعنى الاخير فى الكتاب  اى الرابطى الذى هو وجود محمولى ناعتى , فالوجود فى نفسه الذى بازاء هذا الرابطى يختص بوجود الشىء فى نفسه و لا يكون

صفحه : 80

للنواعت  و الاوصاف  .

و جملة الامر ان الوجود فى نفسه بازاء الوجود الرابطى هو الذى لا يكون ناعتا , و اما بازاء الوجود الرابط فهو اعم من ان يكون ناعتا اولا . م - و الحاصل ان الوجود الرابطى بالمعنى الاول مفهوم تعلقى لا يمكن تعلقه على الاستقلال و هو من المعانى الحرفية , و يستحيل ان يسلخ عنه ذلك  الشأن و يؤخذ معنى اسميا بتوجيه الالتفات  اليه فيصير الوجود المحمولى . ش - يريد ان يبين الفرق بين الوجود الرابط و الرابطى بأن الاول مفهوم تعلقى لا يمكن تعقله على الاستقلال بخلاف  الثانى فانه مفهوم مستقل بالتعقل , فبدء بالاول فقال : و الحاصل ان الوجود الرابطى بالمعنى الاول الخ . و الوجود الرابطى بالمعنى الاول فى الكتاب  هو الوجود الرابط . و اما الثانى فسيأتى قوله فى ذلك  حيث  يقول و بالمعنى الثانى الخ . و اعلم ان الحاصل المذكور لم يكن حاصل الفصل بل حاصل الفرق بين الوجودين الرابط و الرابطى المذكورين احدهما المستعمل فى المواد الثلاث , و الاخر هو الوجود المحمولى الناعتى , و قد علمت  انه اتى فى اثناء البحث  عنهما بالوجودين الرابط و الرابطى الاخرين و هما الاولان من الاقسام الاربعة احدهما الرابط بالاضافة الاشراقية , و ثانيهما الرابطى الذى ذهب اليه اهل الفلسفة الرائجة .

قوله[ : ( و هو من المعانى الحرفية](  و قد علمت  ان ما هو من المعانى الحرفية فهو مفاد كان الناقصة و لذا يعد الافعال الناقصة صفحه : 81

من الحروف  فيقال ان كان حرف  وجودى , و يقال له الكلمة الوجودية ايضا , و البحث  عن الكلمات  الوجودية يطلب  فى الفصل الرابع من المقالة الاولى من الفن الثالث  من الجملة الاولى من منطق الشفاء ( ص 28 و 29ج 1 , ط مصر ) .

فاعلم ان اللفظ اما ان يدل على المعنى دلالة تامة , او لا يدل , فان دل فلا يخلو اما ان يدل على زمان فيه معناه من الازمنة الثلاثة و هو الكلمة , او لا يدل و هو الاسم , و ان لم يدل على المعنى دلالة تامة فاما ان يدل على الزمان فهو الكلمة الوجودية , او لا يدل فهو الاداة ( شرح المطالع , ص 41 , ط عبدالرحيم ) .

و قال الشيخ العارف  محى الدين الطائى فى الفص الخالدى من فصوص الحكم , و القيصرى فى الشرح : ثم ليعلم انه ما يقبض الله احدا الا و هو مؤمن اى مصدق بما جاءت  به الاخبار الالهية لانه يعاين ما اخبر به الانبياء عليهم السلام من الوعد و الوعيد و اعنى من المحتضرين - الى قوله : و لذلك  قال عليه السلام :

يحشر على ما كان عليه كما انه يقبض على ما مات  عليه , و المحتضر ما يكون الا صاحب  شهود فهو صاحب  ايمان بما ثم , فلا يقبض الا على ما كان عليه , لان كان حرف  وجودى , اى لفظ كان كلمة وجودية , و اطلاق الحرف عليه مجاز لا ينجر معه الزمان الا بقرائن الاحوال , اى كان يدل على وجود الصفة المذكورة فى موصوفه و لا تدل على الزمان , و الاستدلال بالزمان يحصل من قرائن الاحوال كما تقول : كان زيد صاحب  المال و الجاه , فمن شهودك فى الحال فقره تستدل على ان غناه كان فى الزمان الماضى , و كذلك  فى قولك  كان فلان شابا قويا اى فى الزمان الماضى , و اليوم شيخ ضعيف  . صفحه : 82

و لعدم دلالته على الزمان يطلق على الله فى قوله :  و كان الله عليما حكيما  , و على غيره من الامور الثابتة ازلا و ابدا , كما قال فى قوله : و كان ذلك  فى الكتاب  مسطورا  ( ص 468 , ط 1 , ايران ) . و كذلك  قال الشيخ فى الفص اللقمانى : فمن تمام حكمة لقمان فى تعليمه ابنه ما جاء به فى هذه الاية من هذين الاسمين الالهيين لطيف  خبير سمى بهما الله تعالى , فلو جعل ذلك  فى الكون و هو الوجود فقال كان لكان اتم فى الحكمة و ابلغ , فحكى الله تعالى قول لقمان على المعنى كما قال لم يزد عليه شيئا .

و قال القصيرى فى الشرح : اى جاء لقمان بالاسمين فى قوله : ان الله لطيف  خبير , و سمى الحق بهما , فلو جاء بالكلمة الوجودية و قال : و كان الله لطيفا خبيرا لكان اتم فى الحكمة و ابلغ فى الدلالة لدلالته على انه تعالى موصوف  بهذين الوصفين فى الازل و هما من مقتضيات  ذاته تعالى , الخ ( ص 433 و 434 , ط 1 - ايران ) .

قوله[ : ( و يستحيل ان يسلخ عنه ذلك  الشأن و يؤخذ معنى اسميا](  بنصب يؤخذ , اى و يستحيل ان يؤخذ معنى اسميا , و ذلك  لانه اذا اخذ كذلك  يصير الوجود المحمولى فيخبر عنه فلزم الانقلاب  اى انقلاب  المعنى الحرفى الذى لا يخبر عنه بالمعنى الاسمى الذى يخبر عنه .

م - نعم ربما يصح ان يؤخذ نسبيا غير رابطى .

ش - المراد من النسبى الغير الرابطى هو المركب  التقييدى اى المركبات الناقصة .

و المراد ان الوجود الرابط متحقق فى المركبات  التقييدية صفحه : 83

الايجابية ايضا على التفصيل الذى تقدم فى الفصل الخامس من الرسالة . م - و بالمعنى الثانى مفهوم مستقل بالتعقل هو وجود الشىء فى نفسه , و انما لحقته الاضافة الى الغير بحسب  الواقع خارجا عن ماهية موضوعه فله صلوح ان يؤخذ بما هو هو فيكون معنى اسميا بخلاف  الاضافات  المحضة و النسب  الصرفة .

ش - الوجود الرابطى بالمعنى الثانى هو الوجود المحمولى و لكن على ان يكون ناعتا كما تقدم بحثه التفصيلى فى الفصلين الثالث  و الرابع من الرسالة . فحيث  انه وجود محمولى فله صلوح ان يوخذ بما هو هو فيكون معنى اسميا بخلاف  الاضافات  المحضة و النسب  الصرفة و منها الوجود الرابط اى الرابطى بالمعنى الاول الذى هو مفهوم تعلقى فان تلك  الاضافات  و النسب  لا يمكن ان توخذ مستقلة و معنى اسميا و الالزم الانقلاب  كما تقدم . م - و هذه الاقسام متأتية فى العدم على وزان ما قيل فى الوجود . ش - يعنى كما ان الوجود كان مطلقا و مقيدا , كذلك  العدم يؤخذ فى قبالهما , فالوجود المطلق يقابله عدم مثله , و الوجود المقيد يقابله عدم مثله ايضا .

و هو قدس سره كانه ناظر فى كلامه هذا الى ما افاده المحقق الطوسى فى تجريد الاعتقاد حيث  قال فى المسألة الرابعة عشرة من الفصل الاول من المقصد الاول منه فى الوجود المطلق و الخاص ما هذا لفظه , ثم الوجود قد يؤخذ على الاطلاق فيقابله عدم مثله , و قد يجتمعان لا باعتبار التقابل و يعقلان معا , و قد يؤخذ مقيدا فيقابله

صفحه : 84

مثله ( ص 39 , ط 1 , بتصحيح الراقم و تعليقاته عليه ) . و قال صاحب  الشوارق فى بيانه - و هو المسألة الثانية عشرة فيها - قوله : ثم الوجود قد يؤخذ على الاطلاق , اى غير منسوب  و مضاف  الى ماهية مخصوصة كالكتابة او الضحك  او غيره ذلك  .

بيان ذلك  ان الوجود على قسمين وجود الشىء فى نفسه , و وجود الشىء لغيره .

ففى الاول اذا قصد اثباته للشىء جعل الشىء موضوعا , و جعل المشتق من لفظ الوجود محمولا من غير تقييده او اعتبار تقييده بشىء مخصوص , فيقال مثلا : الانسان موجود من غير ان يعتبر تقييد الوجود بشىء بخصوصه حتى بكونه وجود الانسان سوى ما يقتضيه كون الوجود نفس تحقق الشىء و كونه من اضافته الى شىء ما و هذا هو المراد بالوجود المطلق .

و فى الثانى اذا قصد اثبات  وجود ذلك  الشىء لغير ذلك  الشىء جعل ذلك الغير موضوعا , و ذلك  الشىء او وجود ذلك  الشىء محمولا على سبيل الحمل الاشتقاقى فيقال : الانسان كاتب  , او موجود كاتبا , او موجود له الكتابة .

فهذا اعنى وجود هذا المحمول لذلك  الموضوع هو الوجود المقيد . و كذا العدم على قسمين : عدم الشىء فى نفسه و هو مقابل للوجود فى نفسه , و عدم الشىء عن غيره و هو مقابل الوجود لغيره .

فقوله[ : ( فيقابله عدم مثله](  اى فى عدم اعتبار اضافته و نسبته الى ماهية بخصوصها فيقال : زيد معدوم , من غير ان يقصد انه معدوم عنه شىء كالكتابة , بخلاف  زيد معدوم عنه الكتابة اولا كاتب  او

صفحه : 85

غير كاتب  و بالجملة العدم المقيد بشىء بخصوصه .

و قد يؤخذ الوجود مقيدا باعتبار اضافته و نسبته الى ماهية معينة كوجود البصر لزيد و وجود الكتابة للانسان .

فيقال : زيد موجود بصيرا , و الانسان موجود كاتبا , او زيد موجود له البصر , او الانسان موجود له الكتابة .

و قد يشتق من ذلك  القيد الذى هو ماهية مخصوصة كالبصر و الكتابة اسم مثل البصير و الكاتب  , فيقال : زيد بصير , و الانسان كاتب  . او يضاف  لفظة ذو الى ذلك  القيد فيقال : زيد ذو بصر , و الانسان ذو كتابة , و الجسم ذو سواد .

و هذا هو الوجود المقيد , فيقابله عدم مثله فى اعتبار التقييد و الاضافة الى ماهية بعينها و هو العدم المقيد . و قد يوضع لذلك  العدم اسم خاص مثل العمى لعدم البصر , و الامية لعدم الكتابة فيقال زيد اعمى او امى . انتهى ما اردنا من نقل بيان صاحب  الشوارق ( ص 58 - 60 , ط 1 , من الرحلى ) .

اذا عرفت  معانى الوجود المطلق و المقيد و مقابليهما من العدم المطلق و المقيد فتدبر قول صاحب  الاسفار فى ان هذه الاقسام متأتية فى العدم على وزان ما قيل فى الوجود , هل كان مراده ان العدم ايضا رابط و رابطى , و ان العدم الرابط فى مقابل العدم المحمولى و العدم المحمولى هو عدم الشى فى نفسه ثم يقسم الى العدم المحمولى الناعتى

صفحه : 86

و غير الناعتى و هكذا غيرها من الاقسام ؟

الظاهر من عبارته كذلك  . فان كان كذلك  فهل هذه الاقسام العدمية قد اطلق عليها هذه الاصطلاحات  الثبوتية بمجرد قرينة التقابل او المشاكلة اللفظية فقط , او ان الوجود الرابط متحقق فى الاعدام , و الوجود الرابطى صادق عليها ؟

الظاهر من عبارته المذكورة و الاتية , الشق الثانى . و لكنك  قد دريت تحقيق الحق فى ذلك  فى الفصل الرابع عشر من الرسالة من عدم تحققهما فيها .

م - و كثيرا ما يقع الغلط من اشتراك  اللفظ , فلو اصطلح على الوجود الرابط لاول الرابطيين , و الرابطى للاخير , و بازائهما الوجود المحمولى لاول المعنيين , و الوجود فى نفسه للاخير , و كذا فى باب  العدم , يقع الصيانة عن الغلط .

ش - اول الرابطيين هو مقابل الوجود المحمولى المستعمل فى مباحث المواد الثلاث  , و الاخير منهما هو الوجود المحمولى الناعتى فالاصطلاح ان يقال للاول الرابط , و للثانى الرابطى .

كما تقدم فى الفصل الثانى من الرسالة . و لكنك  تعلم مما قدمنا من ان كل واحد من الرابط و الرابطى على قسمين فخرج الاقسام اربعة من شرح الفصل ان عدم الصيانة باق بحاله , الا ان يقال حيث  انهما متحققان فى القضايا و المركبات  التقييدية فالاصطلاح المذكور صائن فتدبر . و الكلام فى باب العدم ما تقدم .

قوله[ : ( و بازائهما الوجود المحمولى لاول المعنيين , و الوجود فى نفسه للاخير](  .

صفحه : 87

يعنى ان الوجود المحمولى فى مقابل الوجود الرابط , و الوجود فى نفسه فى مقابل الرابطى , و كذا فى باب  العدم على ما عرفت  التحقيق فيه . و قوله يقع الصيانة عن الغلط , جواب  لقوله فلو اصطلح . فأعمل رويتك  و بصيرتك  فيما اهديناها اليك  فى هذه الرسالة زاد الله الفياض الوهاب  ايانا و اياكم بصيرة و هدى .

و آخر دعويهم ان الحمد لله رب  العالمين .

صفحه : 88

3 - قصيدة ينبوع الحيوة

صفحه : 89

ينبوع الحيوة

بدءت  ببسم الله عين الحقيقة

نطقت  به فى نشئة بعد نشئة

شهدت  محياه بعين شهوده

صباحا مساء كرة غب  كرة

أصلى على خير الأنام محمد

و عترته الأطهار هم خير عترة

و لست  أرى غير النبى و آله

اليه تعالى شأنه من وسيلة

و من ثدى أمى , قدس الله سرها ,

شربت  حميا حبهم بدء رضعتى

و قربهمو فى متجرى لبضاعتى

و ود همو فى محشرى لشفيعتى

بيوتهمو كهفى و ها أنا كلبهم

بسطت  ذراعى إليه بعقوة

و وحدة صنع العالمين لحجة

على الواحد الحق الحقيق بوحدة

على وحدة التدبير غير الروية

على وحدة التقدير عين الروية

فتوحيده الحق الحقيقى ناطق

بوحدته الشخصية الصمدية

بوحدته القدسية الأزلية

بوحدته الجمعية الأولية

بوحدته فى حضرة باطنية

بوحدته الكونية المظهرية

تجلى على الافاق و الأنفس معا

فليست  سوى آياته المستنيرة

و توحيده أفنى الذوات  برأسها

و فى المحق طمس ثم محو برتبة

صفحه : 90

اذا لم يكن غير الوجود فمن سواه

فليس سوى نور الوجود ببقعة

و قد ساوق الحق الوجود تصادقا

و ساوى الوجود الواحد فى البديئة

و قد عبروا عنه بعقل و وحدة

و قد افصحوا عنه بعشق و نقطة

و للناس فيما يعشقون مذاهب

خليقتهم تحكى اختلاف  السليقة

و ما زارت  العينان غير روائه

اريكته كانت  سويداء مقلتى

و ما لجمود العين حق الزيارة

و يا صاح طهرها باجراء دمعة

و من هو اواه منيب  فانه

خليل الاله صادق الود خلتى

و بالذوق إن شاهدته كنت  صادقا

و كم ضل من ظن الوصول بفكرة

و أنى لك  الاعراب  عن وصف  ذاته

و لما تذق من كأسه نحو جرعة

و من لم يذق ما ذاقه العاشق الوفى

فممن تردى فى هواه بسقطة

و لا يوصف  هذا الوصول بألسن

و قد أخرست  عن وصف  ذاك  وكلت

قد اضطرب  العقل من إنباء سره

و قد نطق القلب  بعجز و ذلة

و ما القلب  الا بالتجلى تقلب

هل العقل الا فى اعتقال بعلقة

و فى القلب  طورا بعد طور بوارق

تلوح ضياء فوق يوح المضيئة

و يتسع بالعلم من صنع ربه

فليس وعاء مثل بيت  و صرة

و قد وسع الحق فما ضاق عن سواه

فلا يغفل عن حضرة عند حضرة

و اوعية تلك  القلوب  فخيرها

لقلب  هو أوعى القلوب  المنيرة

و قد ثار قلبى من خفايا سريرتى

و قد طار عقلى من خبايا طويتى

و أنى لك  الخبر بحالى و أنما

ترى جدتى لست  ترى ما بلجتى

و كيف  أثير ما بسرى فانما

دفين الهى ذمتى أو مذمتى

صفحه : 91

و يا حبذا نار المحبة احرقت

أنانيتى من جذبة بعد جذبة

و قد اضرمت  نار الصبابة فى الصبى

هدايا الجنون بين قومى و صبتى

صبابة من قد كان سرى سريره

فصاح بسرى صيحة بعد صيحة

و ما ذقت  فى دهرى من انواع لذة

فلا تعدل معشار أوقات  خلوتى

مضى الليل فى النجوى و شكوى غريبه

و كان الصباح لمعة فوق لمعة

و فى لجة الليل الذكاء تلألأت

و قد جرت  الأنهار من قلب  صخرة

و قد نور الروح أنين لياليا

و قد طهر السر دموع كريمتى

مداوى الكلوم كان ذاك  الأنين لى

أنينا لقد أن الطيور بأنتى

و نعم الأنين كان فى الدهر مونسى

فصرت  من أشباح الأناس بخيفة

أناس كنسناس وحوش بهائم

أضل من الأنعام دون البهيمة

و لو كشف  عنك  الغطاء لتبصر

سباعا ذئابا أو ضباعا بغيضة

و أف  لدهر ما ترى فيه آنسا

و لم ألف  فى دهرى اليفا لعشرة

و يا حسرتى ليس لنا صوب  مخلص

سوى أن ندين الحق دين التقية

تركت  سواه لقية من لقائه

و قد أكرم المعشوق نجح عزيمتى

هدانى الى وادى الولاية بعدما

رمانى عن أوطانى و سكان بلدتى

يضل و يهدى من يشاء بملكه

و ما اسم من الاسماء قط بعطلة

و ليس بجبر أو بتفويض إن ذا

على وفق الاعيان الثوابت  ثبت

و لما رءانى ليس لى مونس سواه

ترحم بى جاء أنيسا لغربتى

تركت  سواه فى هواه بلطفه

و فى الكسر جبران و فى الجبر لذتى

اذا كانت  النفس سراحا من الردى

ففى صقعها نار الهوى قد أنيرت

صفحه : 92

بسر الحضور نور الانوار كامن

و حول الموافاة بدائع حكمة

و طوبى لمن وافى الحضور وفاته

و ليس يوازيه الوفاة بغيبة

و لما بدت  أنوار طوباه فى حماه

فقد طارت  النفس اليه بسرعة

و ما الكسب  الا قطرة بعد قطرة

و ما الفضل الا سيب  بحر بنحلة

فقد قادنى لطف  الاله الى الحمى

على صغرى حمدا له من منيحة

مطايا عطاياه نفوس تطهرت

من أدناس الأرجاس بوهب  و همة

إذا لم يك  السر نقيا من الشقاء

فما للشقى من ثياب  نقية

يوسع رزق العبد ما كان طاهرا

بذا جاء نص من نصوص صحيحة

تجنب  عن أرجاس الهواجس كلها

توكل على من ذاته الكل عمت

و من عاش فى الأتون طول حياته

فهل يدرك  العيش بساحة روضة

و ما لم يك  المطلوب  للطالب  بدى

فأين الى المطلوب  كان بنجعة

و من لم يكن وجه الحبيب  تجاهه

فليس وجيها عند أهل المحبة

و هل وجهة فى غير عز تجاهه

و هل عزة فى غير قرب  المودة

و بالحب  الاعيان انجلت  فى شجونها

شجون تراها غمرة إثر غمرة

و فى سر غيب  الذات  الاعيان غابت

قد ارتجفت  بالعشق أنحاء رجفة

و لولا بروق الحب  ما صاح صائح

و لا حبة كانت  تلوح بمنبت

و لولا شروق العشق ما لاح كوكب

و ما الفلك  تجرى أو تدور كفلكة

و لما تركت  الخلق طرا وجدته

بدى الشمس و الخلق نظير الأشعة

لقد سر سرى من سنا وجهه السنى

على ما بدى لى فى رقادى و يقظتى

صفحه : 93

و ان مياه الأبحر لو تراكمت

لما هى مما تطفىء حر لوعتى

و لولا انكسار القلب  ما يعبأ به

و بالانكسار كان من خير عيبة

لنا ما رزقنا من قلوب  كسيرة

لكم ما رزقتم من عقار وضيعة

و كيف  أبوح ما بسرى و انما

لسان الحروف  الراقمات  بلكنة

و ما تنفع أسماء الأسماء وحدها

إذا لم تكن أسرار الأسماء مكنتى

اذا ما أتيت  راحما لزيارتى

تشم نسيم الحب  من روض تربتى

و فى الصمت  نطقى ان ذا من عجائب

و فى غض عينى رؤيتى فى رويتى

و فى الذكر انسى ثم فى الانس ذكره

تسلسل ذاك  الدور يومى و ليلتى

و لست  ارى الانسان غير دعائه

جناب  الاله لحظة لفت  لحظة

تصلى له سبحانه لست  شاعرا

كما أن الأشباح و الأرواح صلت

يميت  و يحيى كل آن نفوسنا

كذاك  اليه نرجع كل لمحة

تجدد أمثال العوالم كلها

على هيأة موزونة مستديمة

تجدد الأمثال على حفظ نظمها

بدائع صنع الله فى كل بدعة

متى غاب  حتى أطلب  الهادى اليه

و ما الهادى الا جلوة منه جلت

خفاه ظهور فى الظهور خفائه

و فى قربه بعد و فى البعد قربتى

و من دأبه أن يظهر ثم يختفى

و فى القبض و البسط مفاد عقيدتى

و فى القبض بسط ثم فى البسط قبضه

و ما البسط و القبض سوى بسط قبضة

قضاء و قرآن و قبض ترادفت

ففى القدر الفرقان انحاء بسطة

ففى الروح قبض ثم فى القلب  بسطه

و ما بالتجافى صورة ما تسرت

يمثلها صقع خيالك  بعد ذا

يجسمها فى الطبع طابع هيئة

و ما هو قرآن فجمع و باطن

و ما الجمع الا الحكم فيه برمة

صفحه : 94

و ما هو فرقان فشرح و ظاهر

و ما هو تفصيل فمرهون كثرة

و من كان عن روح الكتاب  بمعزل

فما انتفع من شد حرف  و مدة

هو الصمد الحق أى الكل وحده

هو الأول فى آخر الاخرية

هو الصمد الحق فلا ثانى له

فما الشبهة تروى عن ابن كمونة

و معناه لا جوف  له فهو مصمت

كما فسر من أهل بيت  النبوة

فما ذرة الا حيوة تجسمت

و سائر الأوصاف  كذاك  بجمة

فصار السوى غير السوى غير انه

شئون و آيات  لذات  فريدة

فمن هو معلول و من هو علة

لدى الصمد الحق الوحيد بسطوة

و قد كانت  الدنيا غرورا لأهلها

لما انها تغتالهم أى غيلة

فتوهمهم ان السموات  و الثرى

و ما فيهما فى الكون مما استقلت

اذا جاءهم كشف  الغطاء فانما

عيانا رأوا قد كانوا فيه بغفلة

متى طلعت  شمس الحقيقة تفضح

خفافيش ما فى ظلمة الليل خفت

و هل انت  الا الروح و الجسم و القوى

و هل أنت  الا وحدة فى الكثيرة

فما انت  الا واحد ذو مراتب

ترى ذاتك  مرآته قد تجلت

و لابد من فرق كشيىء و فيئه

و ليس كميز الشىء و الشىء فاثبت

هو الصمد الحق كذاك  كتابه

و ذا الحكم فاق الشمس عند الظهيرة

كذاك  النبى الخاتم فى النبوة

هو الصمد هل كنت  من اهل دربة

محمد المبعوث  ختم النبوة

كذاك  كتاب  الله من غير لبسة

هو المعجز الباقى من دين احمد

هو نوره المنجى من كل نقمة

و الاعجاز بالأسلوب  أو بالفصاحة

أو الأمر فى ذاك  على نحو صرفة

صفحه : 95

و معجزة الباقى من فعله ترى

بيثرب  من تعيينه سمت  قبلة

بلا شاخص أو جدول من جداول

بلا ربع اسطرلاب  أو أى صنعة

و لكن بنور الله من يثرب  رأى

مع البعد بيت  الله يا حسن رؤية

فقام الى الميزاب  من أمر ربه

تعين سمت  القبلة فى مدينة

الى الان هذا المعجز كان باقيا

و فى الخوض فيه ما لنا من وجيزة

فليس نبى بعده فمن ادعى

هو المتنبى بلا طمث  ريبة

على قدر وسعى كان قرآنه معى

فلا خوف  من شر النفوس الشريرة

اذا كان بيت  أصفر من كتابه

فليس ببيت  بل وجار ضبوعة

و يا من أراد الاعتلاء الى العلى

فطوبى لذات  و هى ذات  علية

فلو لم يكن فينا القبول إلى العلى

لما كان قرآن الرسول بقدوة

و حيث  بدا فينا العروج الى الذرى

لنا فى رسول الله تحثيث  أسوة

تفقه بما قد فصل فى النبوة

عليك  بما أهديك  من غير مهلة

نبوة من كان من الله مرسلا

هى الخاصة المقرونة بالشريعة

و أخرى لمن كان من اهل الولاية

هى العامة فى كل عصر و دورة

و قد ختم الأولى ظهورا باحمد

محمد المحمود من رب  العزة

و أما بطونا فهو عين النبوة

به يستنير أمة بعد أمة

و كل نبى كان من قبل يستضيىء

بمشكوة عين الرحمة الأحمدية

فمن أعرض عن منطق الوحى الأحمدى

فمنسلخ عن فطرة بشرية

و من آمن فى غر نور الولاية

فقد خلص من ظلمة مدلهمة

و من لم يكن من حظ عرفانه احتظى

فما استلذ من أفانين حظوة

و من لم يكن من ضوء برهانه اهتدى

فلن يهتدى قط بقطع و بتة

صفحه : 96

و من أظلم ممن على الله يفترى

و ممن رسول الله آذى بفرية

بأن رسول الله من بين امته

قد ارتحل من غير نص وصية

و لو لم يكن غير الغدير لقد كفى

لمسترشد و هو من أهل الحمية

فكيف  نصوص الفرقتين تواترت

بمثل الغدير فى جدير الخليفة

ألا و على كان يعرف  بالوصى

باخبارنا الموثوقة المستفيضة

و أنت  ترى بين سنام الصحابة

هو وحده كان بهذى الخصيصة

على ما هو المعمول بين الجماعة

فحاشاى عن بحث  عن الأفضلية

لأن القياس صح فى ما تجانست

و أى جناس بين نور و ظلمة

و من همو اعراب  من الناس و الوصى

فترتجز فى الفضل عند السقيفة

اذا كان جمع كلهم أهل العصمة

لصح الحوار عند ذا بالفضيلة

فيوزن اولو العزم و المرتضى على

بأنهمو من كان أولى بخلة

و أدبنا القرآن فى الأفضلية

ففى الرسل اوفى النبيين حجتى

على امام الكل بعد نبينا

على الكل فى كل صفات  سنية

و من أظلم يا قوم ممن قد ادعى

امامة دين الله من غير عصمة

و من كان فى الأمس على الظلم ناله

من اليوم عهد الله يا من ظليمة

و لابد للاسم الاله من الذى

نسميه كونا جامعا فى الرقيمة

هو القطب  بالاطلاق فى كل عالم

هو الشمس فى الافاق عند البصيرة

وجوده لطف  فى نظام العوالم

و لن تخلو الأرض من انوار حجة

بذا حكم العقل ببرهانه السنى

و ألسنة النقل على ذاك  دلت

ألا انه , و العصر , من صلب  العسكرى

سليل رسول الله و ابن الأئمة

صفحه : 97

م ح م د المهدى بالحق قائم

بذاك  اعتقادى من علوق نفيسة

بذاك  اعتقادى عن صميم معارفى

معارف  ما فى لجتى و سفينتى

عليك  بدرج الدر نهج الولاية

لما فيه من أسراره المستسرة

بذاك  اعتقادى من صفايا أدلتى

بلا دخل تقليد و رسم و سنة

و أشهد بالله على ما عقيدتى

بلا ريب  وسواس بلا شوب  شبهة

بذاك  اعتقادى من عطايا جنابه

و خير العطايا للنفوس السعيدة

على ما هدانا الله جل جلاله

له الحمد ثم الحمد من غير فترة

تصفحت  أوراق الصحائف  كلها

فلم أر فيها غير ما فى صحيفتى

امن مثلها نور بسيط توحدت

بشىء اذا قد واجهته لبغية

تجردها مما هى للطبيعة

يفيد بقاء النفس للأبدية

يحب  البقاء كل شىء بسوسه

فأصل البقاء ثابت  بالبديهة

كذاك  مقام فوق ذاك  التجرد

لها ثابت  ايضا بحكم الأدلة

و ما أخبر الكشف  الأتم المحمدى

بيان لما فى النفس فى كل سورة

على صورة الرحمن جل جلاله

بدى هذا الانسان من أمشاج نطفة

و سبحان ربى ما أعز عوالمى

و أعظم شأنى فى مكان بنيتى

و ما آية فى الكون منى باكبرا

و نفسى كتاب  قد حوى كل كلمة

و لو لم يك  الانسان من كان حاملا

أمانته من حين عرض الوديعة

و محمول الانسان هو العرش قد بدى

أى الملك  مما اختاره ابن مسرة

ففى الدهر من مثلى و كنت  مثاله

و ما تعدل جنات  غيرى ببهجتى

و ماء مهين دافق صار عالما

كبيرا يوازى الكل من غير قلة

فما هو الانسان جميع العوالم

و ما هو الانسان سلالة طينة

صفحه : 98

و ما هو الانسان و الاسماء انما

هى الدرر و هولها نحو حقة

عجائب  صنع النفس يا قوم ماهيه

و ما يعدل صنع بتلك  الصنيعة

و للنفس انشاء الذوات  على الولاء

و ارسالها فى ما تشاء بمنة

و تلك  الذوات  قد تكون بسيطة

مفارقة نحو العقول المفيضة

كذا قد تكون ما تلينا من التى

قد اغتمرت  فى مدة ذات  مدة

و يا معشر الأحباب  من كان فيكمو

يعرفنى نفسى فيسكن ثورتى

و يا أمة الاملاك  فى الارض و السما

و هل واحد منكم يجيب  بسؤلتى

و يا مالك  الأملاك  فى الارض و السما

و يا من يناديه صراخى و ضجتى

و يا من احب  خلقتى نعم ما أحب

و يا من كسانى خلعة بعد خلعة

و يا من اليه الكل يأوى و يلتجى

اليك  التجات  فى رخائى و شدتى

و يا لهف  نفسى لست  أعلم ما أنا

و لست  فهمت  مصحفى من قريحتى

تحيرت  فى أطوار نفسى على الولاء

تروح و تغدو فى حضيض و ذروة

تجلى لها أسماء يوم القيامة

و قد بهرت  من غير ذات  الهوية

و قد تهبط منها الى الدرك  الأسفل

اذا التفتت  نحو الحظوظ الخسيسة

و قد ملأت  اقطار الافاق كلها

ملائكة الله و الأقطار أطت

ملائكة الله قوى كل عالم

قد اشتقوا من ملك  كما من الوكة

و ما ملك إلا و فينا مثاله

حقيقة شىء تعرف  فى الرقيقة

و معرفة الانسان نفسه أنما

هو الحد الأعلى للعلوم الرئيسة

و الانسان يزدان بأنوار علمه

و أنى له الأعراض كانت  بزينة

و صالحة الأعمال بعد علومه

تريها له ايضا من انوار حلية

جناحا العروج نحو اوج المعارج

هما العمل و العلم يا اهل نهية

صفحه : 99

و لا ينتهى قط كمال الولاية

فلا توصف  النفس بحد و وقفة

و من جوهر النفس اذا كان كاملا

بدى معجزات  مرة بعد مرة

ترى بشرا يمشى فى الأسواق قد على

سناسره آفاق ما فى الخليقة

و جسم يدور حول نفس و نفسه

الى العقل تنحو رفعة فوق رفعة

و للعقل اقبال الى ذروة العلى

يعاوقه الطبع بأنواع حيلة

فكيف  لنا يرجى العروج الى الذرى

فانه للنفس التى لا طمأنت

فان ملت  الارواح من سوء دهرها

ففى جنة الأسفار كانت  بنزهة

و من كان يرجو الاعتلاء فانما

يهيىء اسباب  الوغى من سرية

و من سافر صدقا فلا يستريح من

توخ من القيوم طى الطريقة

ترى آدم البرنامج الجامع الذى

حواه نعوت  الحضرة الأحدية

فلابد من برنامج فى أموره

و فى عمل البرنامج من صريمة

و اياك  و الفن الذى ليس نافعا

عليك  بادراك  العلوم الرفيعة

و العرفان بالله هو العلم وحده

فطوبى لمن نال بتلك  العطية

و علمك  صيد قيد الصيد يا فتى

و قيدك  اياه تراه بكتبة

و يا ايها الانسان انك  كادح

الى ربك  كدحا فتسعى للقية

اذا تتجافى النفس من عرصة الفنا

فقد شهدت  عين البقاء بلحظة

أما سيرها من هذه العرصة الى

فناء البقاء ليس الا بخطوة

اذا وصل النفس الى دار قدسها

الى الموطن الأصلى من دار كربة

تحولت  النفس من النقص قد فنت

الى عقلها فاستخلصت  من نقيصة

فما الوصل الا الاتحاد بغاية

و يا صحب  ما فى النفس من حسن سيرة

و أمر فناء النفس فى العقل طالما

يدور على الأعصار بين الأجلة

صفحه : 100

و هذا الفناء ليس فى الكل واحدا

له درجات  فوق عد و حسبة

فمن نقصها الذاتى كانت  تبدلت

كمالا بسر الحركة الجوهرية

متى واجه انوار غر المعارف

عرفت  بأنى لست  من ذى القبيلة

و لما رأيت  العاشق الحق قد دريت

معانى الوقار و الرضا و السكينة

و بالعمل و العلم نحن صنيعنا

فاتهما نفس الجزاء احبتى

لذا كانت  الالام يوم القيامة

لمن كان فى الدنيا اليف  الطبيعة

و من كان مأنوسا بحكم مثاله

ففى الجنة الصغرى له حظ نعمة

و من فاز بالقرب  الى الحق حقه

يشاهد وجه الله فى كل وجهة

توغل فى العقل و ادبر عن سواه

ففى الجنة الكبرى له اى ملكة

هى جنة الذات  التى قد اضافها

الى ذاته النورية السرمدية

و طاف  على المعشوق لم يدر غيره

تطوف  عليه الحور طائف  كعبة

و يوم الحصاد تحصد ما زرعته

ففى هذه الأيام هل زرع زرعة

فلست  سوى اعمالك  الأخروية

و لست  سوى افعالك  الدنيوية

و الاعمال إما الكسب  بالصدق و الصفا

أو الاكتساب  باحتيال و خدعة

لذا جاء فى فصل الخطاب  المحمدى

لها و عليها فى مجازاة صفقة

فجنتك  و النار فيك  و تزعم

بأنهما فى حيزما بفجوة

و للجنة و النار فينا مظاهر

و الافاق مثل الأنفس بالسوية

و عامل فعل كان نفس جزائه

ألا ملكات  عجنت  بالسريرة

اذا فتحت  عيناه فى صقع ذاته

فاما وجوه من وجوه دميمة

و اما وجوه من حسان كريمة

لئن كانت  الأفعال من حسن شيمة

سرائرها تبلى له الويل لو رأى

سريرته مشحونة بالرذيلة

صفحه : 101

و انت  ترى الاناس فى السوق قد بدى

تجسم اعمال فهذا كحية

و هذا كخنزير و ذاك  كثعلب

و ذا سبع ينحو افتراس الفريسة

و شرذمة كانت  من اهل السعادة

يميل اليها الطبع من غير وحشة

و حشرهم يوم النشور كنشرهم

هنا فى جماعات  و سوق و سكة

و اكثر الأعمال سراب  و انما

لقد حسب  الظمان ماء بقيعة

تجسم الأعمال من الدين الاحمدى

تمثل الأعمال بهاتى الوتيرة

و لست  سوى الدين الذى كنت  تعمل

تمثل الايمان بصورة سدرة

و أخلاقك  الأنهار الاربعة جرت

و طوبى مثال النفس طابت  بطيبة

و من عامل الخلق باخلاق سوئه

ففى قبره كان له سوء ضغطة

اذا كنت  فى برنامج فى التمثل

نجحت  به فى ذاتك  بعد صفوة

تنورت  من نور الجمال المحمدى

بتطهير ذاتى من صبوح بشربة

سمعت  باذانى فصول اذانه

فيا لذة قد أقبلت  صوب  مهجتى

بكيت  بكاء عاليا حينما قضى

حبيب  آله العالمين لصحبتى

و يا حسن صوت  لست  اقدر وصفه

على صوت  داود باحسن لهجة

و كم نلت  من امثال هذا التمثل

تمثل عذب  يا لها من عذوبة

تجسم الاعمال بمعنى التمثل

تمثلها كان تصور صورة

فجسم هنا ليس بمعناه العنصرى

بل الجسم دهرى فخذه كدرة

رموز كنوز كل ما فى الشريعة

فلابد فيها من علوم غزيرة

و لابد فيها من صفاء السريرة

و مقعد صدق عند رب  البرية

تصورها كان تحققها الذى

لقد نشأ من صقع نفس كنبتة

و هذا النبات  كانت  النفس منبته

و بذره خلق النفس تمثال حبة

صفحه : 102

فما تنبت  من ارض نفسك  انما

حبوب  و ان قلت  لبوب  لصحت

و تلك  اللبوب  عند اهل البصيرة

تشخص الأبدان من البرزخية

كما ان نور العلم فى النفس انما

مشخص الارواح بلا شوب  مرية

فحق المعاد كان جسمانيا بدى

كما كان روحانيا ايضا بجملة

و انت  بذاك  الجسم و الروح تحشر

كما كنته فى النشأة العنصرية

و الأبدان للانسان طولا تفاوتت

كمالا و نقصا عرصة فوق عرصة

فاياك  و الظن بابدانه على

تكونها ممتازة ميز عزلة

و تنتشأ الابدان من صقع نفسها

تقوم بها نحو ظلال المظلة

و لا تلك  الارواح عن ابدانها خلت

و لا كانت  الابدان عنها تخلت

تمايز الارواح و الابدان طالما

تقلقلت  الافواه فيه بهفوة

و قد نطق الوحى بالاولى و الاخرة

فأحكام الاولى غير ما فى الاخيرة

و الاخرة الدنيا على ما زعمتها

فما الفرق فى البين من الأرجحية

فان كانت  الأخرى فليست  بهذه

فكن من فريق قائلين بفرقة

و ان شئت  قلت  النفس فى الدار هذه

هى للهيولى صورة فاستقرت

و لكنها فى الدار الاخرى بعكس ذا

تريها هيولى الصورة المستمرة

و لذاتها كانت  هنا من مقولة

و فى دارها الاخرى ترى من مقولة

ففى دارها الاولى انفعال لضعفها

و أما فى الأخرى فهى فعل لقوة

على ذلك  الفعل نصوص تظافرت

و ننشئكم فى منطق الوحى عروتى

خوارق عادات  كذا معجزاتها

هى انما من فعل نفس منيعة

عليك  بما فى الباب  من باب  العلم جا

بقلعه باب  خيبر دون طرفة

فقلعه ثم قذفه خلف  ظهره

لما كان ذا من قوة جسدية

صفحه : 103

لما كان عضو بالغذاء تحركا

لما كان الاعضاء بذاك  احست

و لكن بتاييد قوى ملكوته

و نفس بنور ربها مستضيئة

كذلك  الالام هناك  و هيهنا

على نحو ما قلنا من اسناد لذة

و قد فسر القبر لسان الشريعة

باخباره الموصوفة بالوثيقة

فمقبور اما فى الخصال الحميدة

و مدفون اما فى الصفات  الذميمة

حقيقته ما ليس عنا بخارج

و خارجه عنا يسمى بحفرة

و الاول ما وارى حقيقة ذاتنا

و ما الحفرة الا الوعاء لميت

و هذا و ذاك  بالتشابه هيهنا

كأفراد نوع باختلاف  و شركة

و كم من امور هيهنا قد تشابهت

تشعبت  عند الحشر أنحاء شعبة

فالانسان نوع ذو مصاديق هيهنا

باصنافها من أى خلق و خلقة

و فى النشأة الأخرى هو الجنس قد بدا

بأنواع أوصاف  به لاستجنت

فما انت  الا نفس افعالك  التى

فعلت  بطوع و اختيار و رغبة

قيامتنا قد قامت  الان فابصرا

و انواعها الكلية خذ بخمسة

كنون و قلب  ثم عرش و حضرة

و حمد و اقسام نكاح بنوبة

هى سبعة سبع سماواتك  العلى

من الارض فاقرأ مثلهن بسبعة

هى الكليات  تحتوى جزئياتها

على كثرة من غير حصر و عيقة

و تلك  الاصول فوق ما هو رائج

على نحوه فى الحكمة الفلسفية

و فلسفة ذات  مراتب  عندنا

و سفسا فهاقد عد من سفسطية

ففلسفة انوارها مشرقية

و قد نالها من كان من مشرقية

فان كان فيها كاملا و مكملا

فذاك  امام الكل فى كل كورة

و فلسفة اخرى هى من ظلالها

و ذو الظل اصل حاكم فى الأظلة

صفحه : 104

و يستوحش من لفظها المتقشف

يسوغ له تبديل لفظ بلفظة

دليل و برهان و نور و حجة

او اللفظة الاخرى من أى قبيلة

و الانسان مفطور لفهم الحقائق

ببرهان لم أو بان بدقة

و طينته قد خمرت  بالتعقل

فاما بمعلول وإما بعلة

فما خالف  البرهان الا معاند

قد انسلخ بالخرق عن دين فطرة

و لا ينكر العلم الشهودى عاقل

بل العقل فى النيل به كالذريعة

و روحك  مشتاق الى سيب  رزقه

و جسمك  مفتاق الى اكل طعمة

فذاك  بما من سنخه فى اعتلائه

و هذا بما من جنسه فى غضوضة

و لا يشبع ذاك  بانوار رزقه

و قد شبع هذا بمرات  لقمة

فذاك  وراء الجسم من سوسه السنى

كبارئه فى الحيطة و الألوهة

و هل تذكر العهد الذى كنت  تغتذى

دم الطمث  من انبوبة باسم سرة

فسرتك  كان مدى اشهر فما

كذلك  سرات  كثير الأجنة

و هذا الفم المولود من امر ربه

قد انفتح و السرة منه سدت

و فى الجنة كان الغذاء لأهلها

ببرنامج فى بكرة و عشية

و دار السلام الجنة و هى وصفها

و كان سلام الجسم فى حفظ صحة

فمن جاوز عن مرتين غذائه

قد انجر الأمراض اليه بأكلة

ففى الأثر من جاوز الاكل عنهما

فهو حر بالمعلف  و العليقة

و الانسان قد خص بأخذ غذائه

من السمع فالسمع فم الأريحية

و علمه الله البيان بذا الفم

به صار ذا نطق بانطاق نية

نعم كل شىء انطق الله ذو العلى

فلا ريب  للانسان ما من مزية

سوى تلك  الأفواه فم آخر له

مسمى بقلب  يغتذى من حظيرة

صفحه : 105

حظيرة قدس و هى عين حيوته

بل الكل منها كل آن تروت

و ما يدرك  القلب  فذاك  هو الغذاء

و غيره إعداد بأنحاء عدة

و ادراك  الانسان جميع العوالم

دليل على ما فيهما من نظيرة

و مدرك  شيىء مغتذيه و مدركه

غذاء له فاثبت  بتلك  الدقيقة

مغير شيىء لا يكون غذائه

فبين الغذا و المغتذى نحو نسبة

و اسرار الافعال العبادية لنا

هى كلها الانوار عند النتيجة

و ما امر المولى به فيه حكمة

تعود الينا من صيام و حجة

و ما قدر الانسان و ما وزنه اذا

تأنف  كالشيطان من فعل سجدة

و ما يعبأ بالمال و الجاه لو خلت

صحيفة الأعمال من إعمال سبحة

و انت  تشاء الله رب  العوالم

فمن سرك  اطلب  وجه تلك  المشية

و طالب  شىء واجد الشىء مجملا

كحكم النداء حكم اول وهلة

فكيف  تنادى الله ما لم تشاهد

شهود العيان او شهودا بخفية

هو الصمد لا يعزب  عنه خردل

جداوله كالبحر او كالبحيرة

جداول اخرى ما تريها كأنهر

و قد جرت  عن أصل كنبت  فسيلة

فمن وحدة عين الهوية إنكا

بجدولك  الحق تنادى بخبرة

فالانسان طبع برزخ و مفارق

و يدعو الاله كالعقول البسيطة

بسيط يصير نفس ما يقبل اليه

قديم حديث  ذو سكون و حركة

نبات  و حيوان و نطق و معدن

سماء و ارض جامع كل جمعة

امام مبين فيه احصاء كل شىء

كتاب  حكيم حائز كل حكمة

و يرقى الى ام الكتاب  فيتحد

به ثم تتلى فيه كل قضية

و قد قيل فيه فوق حد التجرد

و لكنه تعريف  رسم بخصلة

صفحه : 106

مواصلة الأجساد عند التجاور

فان النكاح جاء اعظم وصلة

مواصلة الارواح عند اتحادها

فتنعتها بالوصلة المعنوية

و عند اتجاه النفس شطر المفارق

تراها فناء مثل بحر و قطرة

و هذا الفناء ذو مراتب  لا تعد

على حسب  احوال نفس زكية

و عرض المزاج الادمى لما يحد

و اعدله كان لنفس كريمة

هو المركز فالاقرب  منه اعدل

من الأبعد عن هذه المركزية

و اسباب  هذا الاعتدال عديدة

من الفاعلات  القابلات  العديدة

و احوال الاباء كذا الأمهات  من

امور لأصل الاعتدال قوية

كما أن نفخ الروح فى الوالدين قد

تلون اعنى نفخة بعد نفخة

ففى الاب  و الام تلون نفخه

تعالى كما أن المياه استشتت

و ما نالنى من أنعم الله انها

قد اسة ما كانت  لأمى العقيلة

و للشىء انحاء الخزائن رتبت

و ام الكتاب  اصلها من خزينة

و ما هو فوق العقل اول صادر

فقد صدر عن مكمن الازلية

هباء يسمى الصادر الأول كما

يسمى عماء فى الروايات  العدة

و اياك  و التسويف  و الساعة دنت

هشاشة سوف  ما ترى من بقية

و ما هذه الدار لنا للاقامة

و قد كتبت  فى بابها ادخل لرحلة

و لا تصحب  الأشرار فى أى محفل

و لا تقبل الأفكار من غير نظرة

فلا تترك  الأسحار ان كنت  ساهرا

و لا تهمل الاذكار فى أى وقعة

وإن قيل قدما للحروب  رجالها

كذاك  رجال للثريد و قصعة

و لا تجزعى يا نفس من عوز طارف

و لا تفرحى يا نفس من فوز عيشة

و ما قيمة الدنيا الدنية انما

ترى ديدن الدنيا اليفا لسفلة

صفحه : 107

ثقى بالذى اياه يقصد من سواه

دعى ما دعاه الغاغة من دنية

و اياك  و الدون الذى كان فانيا

عليك  بما فيه ابتغاء الأعزة

و لا يشتكى الحر من احوال دهره

فان هوان الدهر دون لشكوة

و ليس مناص من أناس و بأسهم

فلابد من إغماض أوهام فرقة

و يا قوم هل من مخلص يرتجى لنا

أم الحكم أن نرضى بتلك  البلية

لك  الويل و التعس لان كنت  جائرا

على اضعف  المخلوق كان كنملة

اذا قيس ذنب  ماإلى ذنب  آخر

فذا عند هذا من ذنوب  صغيرة

اذا ما نظرت  الله جل جلاله

ترى كل ذنب  من ذنوب  كبيرة

و نصبح فى امر و نمسى باخر

نروح و نغدو فى الأمانى الرزية

مضى الأمد و الوقت  قد أقبل الأبد

على ما انقضى العمر لقد ضاع ثروتى

و أقبلت  الأخرى فقد حان رحلتى

و أدبرت  الدنيا فقد دان ضجعتى

كرهت  امورا كانت  الخير كله

و احببت  الاخرى و هى عين الكريهة

تمنيتها ثم توخيت  بعد ذا

بأن لم تك  تلك  الامانى منيتى

و أمنية فيها الأمان بمعزل

و أمنية فيها انفعالى و خفتى

و كنت  ظننت  ما ظننت  و انها

لما نفعت  تالله مثقال ذرة

فخليت  نفسى عن سوى حسن ظنها

بربى فعاشت  فى سراح و فسحة

مواعيد عرقوب  سمعت  و شرها

أمانى نفس كان فيها منيتى

و قد نالنى ريب  المنون على الولاء

و أنقذنى الرحمن من سوء ميتتى

و لا أقدر تقرير تلك  المهالك

و لا أظهر ما عند ربى لحسبتى

و مشرب  يعقوب  النبى لموردى

إلى الله يشكو البث  و الحزن عفتى

صفحه : 108

و يخبرك  عنها لسانات  أعين

جبال و انهار و بحر و أيكة

و لا بأس فى ذاك  لما قد رأيته

من ان سنام العلم ذاقوا مشقتى

و قد شهد التاريخ صدقا بمثل ذا

على كل من فاق السباق بسبقة

و قد لدغتنى حية فى جبالنا

و انى قتلت  الحية سوء قتلة

و لدغتها قد جبلتنى و شوهت

و كنت  صبيا يالها سوء لدغة

لكنت  من إحرار لظى سم لدغها

اموت  و احيى برهة بعد برهة

و ربى الرحيم قد نجانى من الأذى

و ادخلنى فى عيشة ما هنيئة

و لكننى صرت  ابتليت  بحية

هى شر حيات  على الارض دبت

و لو تسأل التنين و الدب  فى السماء

لقالا هربنا من اذيها بثمة

ألا و هى ما بين جنبى قد أوت

ألا و هى أعدى عدوى لهلكة

ألا و هى بالسوء أمارة فقط

ألا و هى النفس الولوع لنكبة

مضينا و لم يحصل لنا طول دهرنا

سوى ما درينا حرفة بعد حرفة

سوى صرفنا الفاظ بعض الطوائف

سوى نحونا جمع دفاتر عصبة

سوى ما عرفنا من حوامل انجم

تداويرها و الخمسة ذات  حيرة

سوى سير فيل وفق لوح مربع

او العدل من بيتين فيه بحصة

و لقط و تكسير اساس نظيرة

و مستحصل ما استحصل للصعوبة

و مفتاح مغلاق لدى ذى الكتابة

و مغن و ظلى من الهندسية

و آلات  ارصاد كأنواع حلقة

و حك  وإسكاف  و ربع و لبنة

سوى نقطة قرن الغزال و نصرة

و ذا شكل لحيان و ذا بيت  عقلة

سوى الامتياز بين اصل البرائة

و ما هو اصل الاشتغال لذمة

و هذا فراغ ليس حكم التجاوز

و هذا ورود ليس حكم الحكومة

 

اشتراک گذاری:
نظرات

اطــلاعــات تــمــــاس:

دفـتـر و ساختـمان آموزشـی: قم، خیابان معلم ، بلوار جعفر طیار ، نبش کوچه چهارم 

کدپستی: 3715696797

 

آموزش حضوری و مجازی (ساعت13 تا 18):
09906265794

ارتباطات و روابــط عمــومــی: 09906265794